“الفراغ” يشلّ السلطة التنفيذية.. الأسوأ يقترب باقتراب وقف الدعم دون بدائل
وسط انسداد الأفق السياسي وفشل كل المبادرات الهادفة لتشكيل حكومة تستطيع بالحد الأدنى انتشال ما تبقى من البلد قبل بلوغ الانهيار الكامل وسقوط مؤسسات الدولة الواحدة تلو الأخرى، يبقى ملف التأليف عالقاً بين المواقف المتضادة، وما تخفيه من مصالح ذاتية ورهانات خارجية، فيما الخوف يدقّ أبواب اللبنانيين من الآتي مع جدية الحديث عن وقف الدعم دون اتخاذ إجراءات بديلة كالترشيد أو البطاقات التموينية.
وفي ظل هذا الواقع المأساوي غير المسبوق الذي يمر به لبنان، والذي ينذر بما يشبه مجاعة الحرب العالمية الأولى، تبدو الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة منشغلةً بهموم أخرى غير آبهة لما سيكون الوضع عليه في لبنان بعد الانهيار المرتقب والمخيف، وكل ما تريده هذه الأطراف معرفة مَن يستطيع ليّ ذراع الآخر، فالفريق الحاكم يدير شؤون البلد على طريقته وحكومة تصريف الأعمال يستعاض عنها باجتماعات ولقاءات يومية تأخذ مكان السلطة التنفيذية، فيما الفريق المقابل ينتظر ربما أن تنجح عواصم القرار في التأثير على عملية التأليف، وكل هذا والحالة تزداد سوءاً يوما بعد يوم.
مصادر سياسية نقلت عبر جريدة “الأنباء” الإلكترونية “صورة سوداوية” للوضع السياسي القائم الذي يتركز بالدرجة الأولى على “رفض فريق الحكم للتعاون مع الرئيس المكلف ويتولى فريق المعاونين له البحث عن طريقة لسحب التكليف منه لدرجة دفعت برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى التلويح بالانتخابات النيابية المبكرة، لكن هذا الطرح اصطدم برفض شديد من الثنائي الشيعي ومن حليفه حزب الله، ما جعله يتراجع عن هذا الطرح على اعتباره قفزة في المجهول من المستحيل تنفيذها، وفي المقابل تربط مصادر الحريري اعتذار الرئيس المكلف باستقالة رئيس الجمهورية”.
المصادر السياسية غمزت من قناة “الأخطاء” التي ارتكبت منذ التسوية الرئاسية عام 2016 “تحت عنوان إنقاذ البلد من الفراغ الرئاسي”، وإذ بعد أقل من 5 سنوات “ينتقل الفراغ من رئاسة الجمهورية الى الحكومة”، مشيرة الى ان “رئاسة الجمهورية قائمة بحكومة ومن دون حكومة”، وسألت: “أليس من الاجدى اذا إنهاء هذا الفراغ في الحكومة بعد كل ما يجري؟”.
المصادر اعتبرت أن البلاد أضاعت فرصة السير بالتسوية التي اقترحها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ودعمها رئيس مجلس النواب نبيه بري بتشكيل حكومة من 24 وزيراً ومن دون ثلث معطل، إذ حتى الساعة لا يزال هذا الطرح هو الوحيد الذي يستند الى أسس مقبولة، رغم رفض الطرفين ضمناً له.
توازيا، جددت مصادر “الحزب التقدمي الاشتراكي” التأكيد عبر “الأنباء” أن “ما يشغل رئيسه وليد جنبلاط هو كيفية انتشال لبنان من الأزمة وعدم وقوع البلد بالانهيار، فذلك اهم بكثير من شكل الحكومة ووزير بالزائد أو وزير بالناقص”، معربة عن تخوف جنبلاط من الأيام المقبلة وما يمكن أن تحمله لا سيما اذا ما استمرت عرقلة تشكيل الحكومة “التي تعتبر المدخل الوحيد للحل وكلمة السر الأساسية لبدء الخروج من الأزمة”.
رئيس جهاز الاعلام في القوات اللبنانية شارل جبور وصف في حديث لجريدة “الأنباء” الالكترونية الوضع في لبنان “بالصعب والمعقد، وهو ذاهب الى الأسوأ في الوقت الذي لم نقدر فيه أن نشكل حكومة، والأطراف الأخرى لا تريد الذهاب الى انتخابات نيابية مبكرة، بمعنى أننا عالقون ما بين استحالة التأليف وتواصل الانهيار، فكل يوم هو اسوأ من قبله فما نشهده من فراغ جامد ربما يتمدد لفترة أطول”.
وأضاف جبور: “نحن عالقون بين فراغ حكومي وانهيار مالي، ولا إمكانيّة متوفرة للخروج منها، فإذا كانت معظم القوى السياسية تقول إننا بوسط أزمة كبرى وانسداد الأفق السياسي فلنذهب الى انتخابات نيابية مبكرة”، مستطردا “حتى هذا الطرح هناك قوى ضده، اذا نحن أمام وضعية كارثية، ملفات تفتح كل يوم فيما البلد ينهار، والمجتمع الدولي يئس من لبنان وأصبح أمام بلد يغرق وهو ذاهب الى الأسوأ وذلك مع اقتراب رفع الدعم”، معتبرا ان الخيار الآن هو الإنقاذ والخروج من الأزمة.
الأنباء