النفط العراقي والقِرش اللبناني ..
الدكتور مروان أبو لطيف*
للوهلة الاولى يجب التهليل للنفط العراقي الآتي الينا لإنقاذنا من العتمة المحتمة …
وقبل اي تفصيل لا بد من شكر الاخوة في العراق على نجدتنا وقبول بيعنا النفط … مقابل -قال – خدمات محلية (صحية واستشارية وسواها ) ، و… بالليرة اللبنانية المهيضة الجناحين .
لا شك ان الحل ترقيعي على الأقل لكونه مؤقتاً ،
لكن التمعن في التفاصيل يشي بامور غامضة كثيرة . فعملية التبديل من الخام العراقي الى الفيول المطابق لمواصفات معامل شركة كهرباء لبنان يحتاج الى مناقصات ، وما ادراك ما المناقصات وكيف تجري وكيف يصبح التراضي حلاً وحيداً حين تترك الامور للحشرة الكبرى ، ومن المستفيد من تلك المناقصات ، وعلى من سترسو ؟
ثم لماذا لاتقوم الدولة اللبنانية بهذه المهمة فتوفر ارباح الشركات (الخيالية حتماً ) وتمنع الابتزاز والشد والرخي والغش المحتمل (والاكيد ) والتحاليل العلنية وغير العلنية المحلية والاجنبية ، خاصة وان الآتي سيشهد على الكيد السياسي والمحاباة العشائرية والمحسوبيات في كل حين .
ثم ما هذا الغموض في تسديد المقابل ؟
خدمات صحية في قطاع ينزف ويكاد يحتضر؟
ودفع بالليرة اللبنانية في وقت باتت معظم المستشفيات تطالب المواطنين بالدفع بالدولار المرئي والملموس ، اي ” الفريش “، اي الطازة …
وكيف ستتم الفوترة مقابل الخدمات الاخرى المفترضة ؟
وماذ عسانا ان نقدم ؟ منتوجات زراعية أم صناعية ؟ غير واضح!
كثيرة هي المطبات في هذه الصفقة “الاخوية” ، وكثيرة هي القطب المخفية اللبنانية على الاقل ، لكن في كل الاحوال المهم ان يأتي النفط المستبدل والمتحور طالما ان محركات معامل الكهرباء ستدور وتبعث النور في هذا الديجور ، وتنشر السرور والحبور في صدر هذا الشعب المقهور ؟
لقد علمتنا الايام انه كما يشتم سمك القرش من مسافات بعيدة رائحة الدم فيهجم على المكان لينال حصته من الفريسة ، كذا القرش النفطي عندنا يشتم رائحة النفط الخام والمصفى والفيول المتنوع الدرجات وصولاً حتى للكاز والقطران ، ويهجم للشفط بخراطيم الغش والربح الخيالي والابتزاز السياسي والاستثمار السلطوي معاً .
واذا صحت هذه التوقعات ، فالله يعوض الاخوة العراقيين بالبركة … ويجزيهم الخير !
كاتب وطبيب