“انسحبت” أميركا فولدت حكومة رئيسي-ماكرون: الغلبة لحزب الله
كتب منير الربيع في المدن
إنها إذاً الحكومة-المخرج لإنقاذ الفرنسيين، أو هي حكومة رئيسي-ماكرون. وهي حكومة فرض توازنات جديدة، فوصولاً إلى تقديرات وتحليلات متعددة حول ولادتها من رحم بعض التطورات الإقليمية، وأساسها الانسحاب الأميركي من المنطقة. وهذا يعني أن واشنطن وافقت على ولادتها، كما وافقت سابقاً على حكومة حسان دياب، وتعاطت معها ومع بعض الوزراء فيها بشكل متفاوت.
انتصار عون وحزب الله
وفي المعيار الإقليمي والدولي، لم يخرج تشكيل حكومة ميقاتي عن المسار المعروف والتوازنات القائمة: الغلبة فيها لحزب الله ورئيس الجمهورية ميشال عون وإيران من خلفهما. والموقف الخليجي غير واضح حتى الآن. لكن الخليج في المعيار السياسي غير حاضر. وهو حتماً قادر على الحضور لاحقاً من خلال تقديم المساعدات إذا أراد. وحتى الآن، لا إشارات مؤكدة، في انتظار مراقبة منهجية عمل الحكومة، وفق ما تؤكد مصادر ديبلوماسية خليجية.
وعلى صعيد التوازنات الداخلية، نجح عون في تحقيق ما يريد، وفق إجماع مصادر مختلفة. صحيح أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي كان رافضاً حصول عون على الثلث المعطل، لكن بعد ضغط الفرنسيين وموافقة حزب الله، كان لا بد من ذلك. ولم يكن برّي قادراً على منعه. ورؤساء الحكومة السابقين لم يوافقوا بدورهم، لكنهم غير قادرين على إعلان موقف إعتراضي على ولادة الحكومة، ولو كان السبب الثلث المعطل.
جنبلاط وبرّي وميقاتي
وثمة من يعتبر أن وليد جنبلاط كان قد توقع هذا المسار منذ أيام الحريري، واستناداً إلى تجارب سابقة. فشدد على ضرورة إنجاز التسوية. وتشير المصادر إلى أن جنبلاط كان واضحاً لديه أن القوى الخارجية لن تخذل عون، ولن تفرض عليه وعلى صهره عقوبات دون غيرهما. لذلك استمرّ على موقفه وحيَّد نفسه.
أما برّي فنال ما يريد من وزراء وفرض اسم يوسف خليل. وهو قادر على تحصين نفسه بدوره في المجلس النيابي. وكل ما لا يوافق عليه في الحكومة، يقدر على تغييره في المجلس، أو على الوصول إلى تسوية بشأنه.
وفي موازاة انتصار عون وحزب لله، وحفظ برّي لوضعه ودوره وحصته، وتحييد جنبلاط لنفسه، حقق نجيب ميقاتي نجاحاً وفوزاً. فثمة من يعتبر أنه ربح تشكيل حكومته وعزز موقعه، في مقابل خسارة السنّة الذين أرغموا في النهاية على التنازل عن السقوف العالية التي وضعوها منذ المبادرة الفرنسية.
بين الصهرين
جبران باسيل كذلك استعاد وضعيته السياسية، وإن ليس بالشكل الذي يرغبه ويطمح إليه. فهو أعلن سابقاً رفضه التفاوض والدخول في تفاصيل التشكيل، وأنه لن يشارك ولن يمنح الثقة. لكنه عاد وفرض نفسه مفاوضاً. وبعد إنجاز اللواء عباس إبراهيم مهمته، أمسك باسيل بخيوط اللعبة من جديد، فكانت حكومة ما بين الصهرين. وهنا حتماً غلب منطق المصلحة السياسية وغير السياسية. وبعد تحقيق الضمانات التي يريدها، وافق باسيل على منح الثقة للحكومة.
لغم سلامة والتدقيق الجنائي
وتقول مصادر ديبلوماسية مواكبة إن الحكومة تشكلت في ظل تطورات سياسية كبيرة في المنطقة، وهدفها توفير أكبر قدر من الاستقرار في حال أحسنت إدارة الأمور.
فهي تواكب نهاية عهد ميشال عون، والتحضير للانتخابات النيابية. وإعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، واستجرار الغاز المصري، إضافة إلى الانسحاب الأميركي من المنطقة. وثمة من يعتبر أن القوة في تركيبة الحكومة هي للرئيس ميشال عون من خلال الثلث المعطل. وهذا يفرض عليها الكثير من التحديات السياسية في الداخل. والأهم هو مقدرتها على تهدئة الوضع والتخفيف من حدة انهيار الليرة.
وهناك مشكلة أساسية تواجه الحكومة إلى جانب كل المعضلات السياسية والاقتصادية: التدقيق الجنائي ومصير حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ففي حال التوافق بين الطرفين على هذا الملف، يمكن أن تسير الحكومة بسهولة بين الألغام. أما إذا وقع الصراع، فقدرة التعطيل تكون كبيرة ونعود إلى عهد حكومة حسان دياب.