بين الماضي والحاضر.. المستقبل جميل
كتب نقولا أبو فيصل*
فيما يتسابق عدد من حكام المنطقة هذه الايام على تحصين الحاضر الذي تعيشه دولهم، وعلى ضمان المستقبل الآتي بهدف توفير السعادة لشعوبهم ومواطنيهم والوافدين اليهم، نجد في المقلب الآخر دولا اخرى،ونحن منها، يتباكى حكامها على التاريخ بعدما افلسوا من الحاضر وربما المستقبل، بفعل تخلخل الانظمة البالية وتصدعها بسبب السياسات الخاطئة لهؤلاء الحكام ورفض الشعب الاستمرار في عيش حياة البكاء الدائم على امجاد الاجداد، الذي لا يفيد في شيء، فيما الدول المجاورة تصنع الامجاد لابنائها وهم أحياء وليس بعد موتهم.
وفي حين إن ما تسمى بالدولة اللبنانية الواقفة منذ زمن بعيد في نقطة ما بين الماضي والحاضر والمستقبل، فمن المؤسف أنها لا تقترب خطوة نحو المستقبل ولا تعيش الحاضر بجماله ولا تكتفي بكاءً ونحيباً على الماضي بل يتباهون مرددين دوما نغمة كنا “سويسرا الشرق”، حاولت في بداية مشواري ان أنهي حاضري في هذه البلاد، كي لا يكون مستقبلي فيها مبنياً على حطام الحاضر ، لأجد نفسي حين كبرت، انظر إلى الماضي في لبنان مثل طفل فقد امه، واتمعن إلى الحاضر مثل رجل يحمل أطنانًا من الهموم. فكيف لي ان أفوز في سباق هذه الحياة وأنجو بنفسي من هذا الاتون وانا مقيد تمامًا بأغلال الخلاف مع الحاضر وخشيته.
صحيح أنني كنت لا ارى بصيص امل واحد بالخلاص من هكذا حكام عاهرين فاسدين لا يعرفون الرحمة، فانني لا أخفي اليوم ،وبعدما فشلوا جمعيهم في ادارة البلاد والعباد، فرحي من المستقبل الذي أراه جميلا ولا تسألوني لماذا ؟ اسألوا ذاك الجسر بين الماضي
والحاضر الذي أمشي عليه الآن والذي صنع مني شخصاً ارادته صلبًا، بارعًا في تأدية دوره في زرع التفاؤل في قلوب من حوله، وفي الوقت نفسه، إخفاء ذلك الطفل الذي لم يعش طفولته، والذي لايزال في داخلي، وطمأنته انني بخير، رغم انني بعد كل هذه الازمات والعثرات والتحديات المتلاحقة صرت أرى فيه ملامح الرجولة فما عدت أخاف عليه.
نعم يمكن للمستقبل أن يوفر لنا الأمل، ويمكن للماضي أن يسبب لنا الكآبة، وبين الحنين الى الماضي والقلق على المستقبل، كم أخشى أن يفلت من بين ايدينا الحاضر.
الصورة التقطت على كورنيش المنارة -بيروت عصر الاحد 17-10-2021
*كاتب ورئيس مجموعة غاردينيا غران دور الاقتصادية رئيس تجمع صناعيي البقاع