حزب الله وإسرائيل واليونيفيل: حرب المسيّرات تزامناً ونضوج الترسيم؟
كتب منير الربيع في المدن
بحراً، برّاً، وجواً. ثمة تصعيد أو تجاذب بين حزب الله وإسرائيل. في البحر، المناوشة السياسية تتعلق بملف ترسيم الحدود والوصول إلى اتفاق بين إسرائيل والدولة اللبنانية. في البرّ دورية إسرائيلية تطلق النار يوم الخميس في اتجاه ثلاثة لبنانيين كانوا يتحركون قرب من الشريط الحدودي، في مقابل مناوشات مستمرة بين “الأهالي” في الجنوب وقوات اليونيفيل.
أما في الجو فتستمر المعركة بين حزب الله واسرائيل أمنياً، في ما يتعلق بالطائرات المسيرة، إما بإسقاطها المتبادل، أو بالضغط الإسرائيلي لتسريب معلومات والكشف عن مواقع تخزين الطائرات المسيرة، والتي يبلغ عددها المئات لدى حزب الله، إضافة إلى الكشف عن مدرجها في جرود مدينة الهرمل، حيث يبلغ طوله حوالى 700 متر.
وجوه الحرب الثلاثة
إنها الحرب الأمنية التي تنطوي على حرب نفسية وسياسية، تجنّباً للدخول في حرب عسكرية مباشرة. بحراً المعركة سياسية، يقف حزب الله فيها خلف الدولة اللبنانية في ما يتعلق بترسيم الحدود. وهو ملف إذا ما اتفق عليه وأُقرّ، يمهد لنوع من الاستقرار في المنطقة. وهذا ينسحب على الوضع البري والجوي.
أما برّياً، فلا تخرج التحركات عن سياقاتها المعتادة، لكن المسألة ترتبط بالتوقيت. يبعث حزب الله رسائل واضحة للإسرائيليين ولليونيفيل: حتى لو اتفق على ترسيم الحدود، فالحزب ثابت في تلك المناطق ويتمسك بالمعادلة ذاتها. أما اليونيفيل، فلا يريد حزب الله أن توسع نطاق عملها ولا تركب كاميرات مراقبة، ولو اقتضى ذلك محاصرة القوات الدولية في مراكزها ومنعها من التجول في الجنوب.
والمعركة جوّاً مستمرة، من سوريا إلى لبنان، والإسرائيليون لا يريدون أن يمتلك حزب الله هذا القدر من الطائرات المسيرة، فيهددون باستهداف مخازنها أو المدرج الذي سربت معلومات عنه في الإعلام الإسرائيلي. واستباقاً لذلك، يسعى الإسرائيليون إلى إيصال رسائل التحذير باسقاطهم طائرات الحزب المسيرة.
الترسيم هو الأساس
ويبقى ترسيم الحدود البحرية المفتاح الأساسي لهذه الحرب. وتقول مصادر ديبلوماسية دولية (no news good news) إن غياب الكلام عن الترسيم يفترض وجود قنوات تعمل على تسهيل أمور التفاوض وطريقته. وهذا ما يتحدد في زيارة المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين الذي من المفترض أن يزور لبنان قريباً.
وتقول مصادر متابعة إن هوكشتاين يعد مسألة استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية، موازية في أهميتها لترسيم الحدود. وهو يريد للملفين أن يسيرا معاً. والطرفان لا يرفضان إنجاز الترسيم، ويبديان استعدادهما للوصول إلى نتائج إيجابية. وحزب الله يقف خلف موقف الدولة اللبنانية. وهنا تقول المصادر إن لبنان يضمن مساحة 860 كلم مربع وما فوق، ولكن حتى الآن لم تحدد المساحة الزائدة عن 860.
الحل الثلاثي
وتقول المصادر إن الظروف لا بد أن توصل إلى ما يعرف في القانون الدولي بـ”الحلّ العادل”. فعندما توصل لبنان إلى الخط 23 اعتمد طرقاً دولية في قانون البحار. وفي حال لم يصل الطرفان إلى حلّ، لا بد من ترتيبات موقتة للإستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة، من دون أن يكون لها أي مترتبات تتعلق بالحدود. وهذه لا بد من الوصول بشأنها لتعديل الاتفاقية مع قبرص وصولاً إلى النقطة المتساوية الأبعاد من أقرب النقاط على الشاطئ اللبناني والقبرصي والفلسطيني.
وهذه النقطة المثلثة هي التي يفترض أن تشكل طريقاً للحلّ. وهي التي ستكون النقطة العادلة. فإما أن نرسم النقطة على مسافة 12 ميلاً بحرياً، وهو الأفضل بالنسبة إلى لبنان. وأما الاقتراح الثاني: الغاء كل النقاط والخطوط مع الإسرائيليين، والجلوس برعاية الأمم المتحدة لتحديد نقاط الأساس على الشاطئ اللبناني. وبحال الاتفاق على نقاط الأساس، يجري بعدها تحديد نقطة الإنطلاق. فلبنان يمتلك أوراقاً قوية تتعلق بمركز نقطة الانطلاق وتحديد النقاط الثلاث الأساسية التي تؤثر على الخطّ.
ولا يمكن لأحد أن ينال من هذا الحق اللبناني. فيما المشكلة تبقى في ما يتعلق بصخرة تخيليت. ولكن حتى لو حسبت الصخرة وكأنها مأهولة، فإن تأثيرها يكون على اتجاه الخطّ. ولذلك لا بد من تعليق احتساب الجزيرة مقابل الاتفاق على الخطوط، استناداً إلى الحدود البرية أم من نقطة متساوية الأبعاد في البحر.