بين الساكت عن الظلم…والشريك فيه
كتب نقولا ابو فيصل*
كل ما فعلته في حياتي أنني كنت دائماً على الحياد وربما كان في الحياد ركون واستسلام غير مبرر ودون أن أدرك في حينها أن السكوت عن الظلم ظلم ، ونتاج ذلك أنني كنت أول من غادر مثقلاً بخيبة أمل مريرة ، وتعلمت أن السكوت على فعل الظالم هو شراكة في الظلم ،وفي قراءة لتاريخ الظلم رأيت أن أبشع النهايات كانت من نصيب الظالمين وأنه كلما ازداد الظلم ازدادت عقوبتهم.
وفي لبنان أجد الظالمين هم أكثر الناس تلبساً للدين ولا أرغب التوسع في هذا الموضوع حفاظاً على ما تبقى لي من أصدقاء من رجال الدين ، وفيما الاديان كلها تحدثت عن الظلم قرأت عن مظلومين كثر لم يستطع القانون حمايتهم وفتشت في الكتاب المقدس (سفر ايوب 8-22) عما اذا كان أيوب قد عانى من الظلم؟ وهل أيوب بلسانه تحدث عن ضعف طبيعته حين قال “أبحر أنا أم تنين؟” (7: 12)”وهل قوتي قوة الحجارة؟” (6: 12) وما هي حياتي؟ “فإنني لا أحيا إلى الأبد فأحتمل بصبرٍ” (7: 16). رغم أن ايوب عرف خطاياه “لماذا لا تغفر ذنبي (7: 12) وفي القرآن الكريم :أن اللَّـهَ لا يَظلِمُ النّاسَ شَيئً النّا أَنفُسَهُم” يَظلِمونَ». «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّـهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًاً ” ا
تاريخيًا وفي العام 1612 قامت الفنانة الايطالية ارتميسيا جنتيلشي Artemisia Gentileschi بالانتقام من مغتصبها من خلال رسم “لوحة الظلم” الذي كان شائعاً جدًا انذاك بحق الفنانين النساء، وهذا ما حدث لها في التحفة الفنية ′′ جوديت تقطع راس هولوفيرن ” وقد تعرضت هذه المرأة للظلم مرة جديدة على يد اوغستين تاسي الذي تم ادانته بجريمة اغتصابها مثل هولوفيرن ، وتم ادانته ايضا لتخطيطه قتل زوجته وارتكاب زنى المحارم مع اختها، ومحاولة سرقة اعمال والد ارتميسيا ، لكنه لم يقضي عقوبته وتم الغاء الحكم عليه وفر بفعلته.
(لوحة الظلم جوديت تقطع رأس هولوفيرون)
*كاتب ورئيس تجمع صناعيي البقاع
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب “جزء ٣