لهذه الأسباب تٌرك خير الدين وحيدا ليلة القبض على مقعده المحسوم… فما علاقة انتخابات 2026 بالأمر؟
لم يكن في حسابات الوزير السابق المصرفي مروان خير الدين أن يقع في فخ لعبة الصوت التفضيلي والحواصل التي شكلت مفاجأة من العيار الثقيل في دائرة الجنوب الثالثة والتي صنفت يوم تمرير قانون الانتخاب الحالي بأنها الاوسع من حيث الأقضية التي تشكلت منها، سيما وان ضم قضاءي حاصبيا ومرجعيون الى قضاءي النبطية وبنت جبيل افقدهما التوازن الطائفي والمذهبي، إذ بدت الغلبة واضحة وبشكل كبير للمكون الشيعي خاصة حزب الله وحركة أمل.
كان قرار رئيس مجلس النواب نبيه بري ترشيح خير الدين بمباركة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط وموافقة رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب السابق طلال ارسلان مبنيا على مقاربة موضوعية اخذت بعين الاعتبار التوازن الداخلي في مدينة حاصبيا ذات الأكثرية الجنبلاطية إضافة الى حضور وازن لارسلان وانطلاقا من علاقة القرابة التي تربط خير الدين بخاله النائب المنتهية ولايته انور الخليل الذي شكل على مدى الدورات السابقة من خلال تموضعه في كتلة التحرير والتنمية نقطة تقاطع محورية بين بري وحنبلاط، حيث كان من الواقعية بمكان أن يقوم خير الدين بممارسة دور ليس بعيدا عن هذا التفاهم يضاف اليه قربه من ارسلان مصاهرة وعلاقة اجتماعية، الامر الذي من شأنه أن يرخي ظلالا مريحة على حاصبيا وقراها.
لم يكن مستبعدا اختراق لائحة معا نحو التغيير قلعة أمل وحزب الله في تلك الدائرة المتشظية الأبعاد، خصوصا ان المكونات الطائفية لا سيما في قضاءي حاصبيا ومرجعيون كانت قد توحدت في لائحة واحدة الى حد ما ،على عكس ما جرى في انتخابات 2018 حيث انقسمت لوائح مواجهة الثنائي في وقت كاد فيه مرشح تيار المستقبل رجل الاعمال عماد الخطيب أن يخرق فيما لو توفر له بعض ما توفر في انتخابات 2022 مسجلا حينا رقما تفضيليا تجاوز التسعة آلاف صوت .
ما حصل مع المصرفي خير الدين كان خارج حساباته التي اتقنها في ادارته المصرفية، خصوصا انه من قلة قليلة من المصرفيين الكبار ممن كانوا يخرجون الى الإعلام وعبر محطات التلفزة لمصارحة الناس عن الواقع المالي المنهار وآليات الخروج من الازمة المالية التي وصلت الى ما نرزح تحت وطأته اليوم، تلك المصارحة المبنية على معطيات رقمية انعكست واضحة في مزاج الشارع المنتفض خصوصا اصحاب الودائع والمتقاعدين والموظفين ولم ترق لفئات اخرى تبنت شعار ” كلن يعني كلن” وهو أمر متوقع عند شريحة عانت ما عانته جراء الانهيار المالي والاقتصادي لكن ما لم يكن متوقعا في حسابات خير الدين الموعود بودائع تفضيلية وازنة من الجهات التي رتبت دخوله لائحة الامل والوفاء أن يمارس عليه كابيتال كونترول تفضيلي من ذوي القربى كما رأت مصادر متابعة، حيث اظهرت النتائج أن تقشفا مثلث الاضلاع مورس بحقه على الرغم من اتصالات مباشرة شغلت الساحة العرقوبية بشكل مكثف سرعان ما تحولت عند بعض المولجين ادارة الملف الانتخابي إلى وعود عرقوبية لم تف خير الدين الا النذر اليسير من بيئته التي كان يعول عليها أن تمده بالاصوات التفضيلية، وهو بحسب مقربين من ماكينته الانتخابية لجهة التعامل مع ترشحه ومع آليات التواصل مع القواعد الشعبية لم يكن على المستوى المطلوب في معركة يتعرض فيها المصرفيون لهجمات قاسية من مختلف الجبهات التي تقصف مواقعهم المصرفية.
وبحسب هذه الجهات المقربة، فإن جهودا بذلت من جنبلاط عبر بعض قياداته الحزبية لحث الناخبين على المشاركة في الاستحقاق مشيرا الى ان ذيول حادثة شويا لا تزال شاخصة امام القسم الكبير من اهالي المنطقة .
أما القاعدة الإرسلانية بحسب تلك المصادر فقد كان لها حسابات مختلفة مرتبطة بالشأن الداخلي في البيت الإرسلاني ترشيحا ومعركة ذات صلة بانتخابات 2018 لجهة ترشح مسؤول الديمقراطي في حاصبيا وعدم إتاحة الفرصة أمامه في هذه الدورة لمقعد يراه كوادر الحزب مضمونا لمرشح حزبي مجرد حيازته قصب السباق في لائحة الثنائي الشيعي اذا ما تم رفده بأصوات تفضيلية من فائض اصوات حزب الله.
ويتابع المصدر أن نائب حزب الله علي فياض حاز على أقل من 300صوتا بقليل في احد اقلام حاصبيا التي يمون عليها الخليل كان يمكن أن تجير الى خير الدين الى جانب مئات الاصوات الجنبلاطية والارسلانية التي نأت عن الاستحقاق واعتكفت في المنازل.
ويرى مصدر متابع أن الضربة الموجعة التي كان وقعها قاسيا على خير الدين جاءت من لائحة الامل والوفاء التي كان يعول خير الدين على دعمها من فائض اصواتها التفضيلية خصوصا ان النائب علي حسن خليل نال أكثر من 13 الف صوتا تفضيليا واللافت أن نواب حزب الله حققوا ارقاما قياسية بلغت بمعدل 40 الف صوت لكل نائب .
ويتابع المصدر المقرب أن حملة ممنهجة تعرض لها خير الدبن من مجموعات مختلفة بعضها لها مآرب شخصية مرتبطة بالحملة على المصارف والمصرفيين، في وقت أن خير الدين كان الأقرب لمنطق المصارحة عبر اطلالاته الاعلامية، إذ يلفت المصدر الى ان خير الدين ورغم قساوة ما حصل لجهة التخلي عن دعمه في ليلة القبض على مقعده الذي كان يعتقد انه شبه محسوم، مستمر الى جانب اهله ومنطقته وطائفته وبزخم أكبر من خلال تقديم الخدمات والمبادرات التي من شأنها رفع بعض الغبن والحرمان بحق هذه القرى التي تحتاج الى متابعة وتوفير مقومات الاستمرار. خاصة الوقوف الى جانب مستشفى حاصبيا الحكومي الذي يجب أن يتطور ليكون بخدمة أهالي المنطقة بفعالية أكبر لتضاف تلك الجهود الى الدعم الذي قدم للمستشفى من مرجعيات المنطقة منذ إعادة اطلاقه، مؤكدا ان خير الدين قدم تجربة استثنائية بوقت قصير واستثنائي من خلال نسج العلاقات المتنوعة ورصد حاجات المنطقة بهدف معالجة ما يمكن معالجته في هذه الظروف الصعبة والدقيقة. إضافة الى الاستمرار في دعم مؤسسات الرعاية الصحية والتربوية والاجتماعية في المنطقة وعلى صعيد الطائفة.
ويضيف، ربما كانت النتيجة صادمة في لحظاتها الأولى ولكن ارتداداتها على مستوى موقع خير الدين المالي والمصرفي في هذه الظروف الشديدة الحساسية والبالغة الدقة إن على صعيد الرؤية الى عمل القطاع المصرفي أو على مستوى مقاربة واقع المنطقة بمكوناتها ومقوماتها لجهة التحول الذي يجب أن يقرأ على مستوى التغيرات.
ويختم المصدر ان خير الدين المؤمن بنهج الحريات وحق التعبير الديمقراطي تقبل النتيجة التي وضعته في موقع يحتاج فيه الى اعادة النظر بكثير من القضايا والعناوين، خصوصا في ظل قانون انتخابي جائر وطائفي وغير منطقي،ويجب تغييره في المجلس النيابي الجديد، واضاف ” ان غدا سيكشف بعض القطب المخفية والتي لها علاقة بحسابات انتخابات 2026 لأكثر من جهة مستفيدة .
التحرير / اليومية