بين الاتكال على الله …وتدبير أمور حياتنا !
بقلم نقولا أبو فيصل*
التدبير الجيد للامور الحياتية هو واجب على الانسان الذي ميزه الله بالعقل والفكر عن غيره من الكائنات البشرية ، ولا يوجد تعارض بين مبدأ الاتكال على الله وتدبير الانسان لأموره بنفسه بالشكل الذي يراه مناسبًا بما يرضي الخالق ,كما أن التخطيط للمستقبل هو أمر واجب على الأنسان في سبيل الوصول الى الاستمتاع بالنجاح في هذه الحياة ، وبحسب الكتاب المقدس (غل٦: ٧)“فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا” ولكن لماذا وصف الله الرجل الذي قام ببناء مخازن جديدة بالغبي وهل علينا أن نترك أمر المستقبل لمشيئة الله؟.
يخطئ البعض في ظنهم أن بعض نصوص الكتاب المقدس تتعارض مع الاستعداد للمستقبل بالعمل والتدبير الحسن ، ويمدح الجميع الإنسان الذي يستعد للمستقبل، ويصفونه أنه صاحب رؤية مستقبلية، ويؤيد الكتاب المقدس الاستعداد للمستقبل بعدم إضاعة الفرص في العمل في الوقت المناسب، لئلا يأتي وقت لا يستطيع الإنسان العمل فيه، كقوله: “مَنْ يَجْمَعُ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ ابْنٌ عَاقِلٌ، وَمَنْ يَنَامُ فِي الْحَصَادِ فَهُوَ ابْنٌ مُخْزٍ” (أم١٠: ٥). ومن لا يستعد في الوقت الحاضر لمستقبله الروحي (في مثل العذارى) قائلًا: “أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا” (مت٢٥: ٣). وأكد المثل أيضًا حرمان هؤلاء العذارى الجاهلات من التمتع بالعرس السماوي.
أخيراً ارى أنه اذا كان العيب ليس في العمل للمستقبل، بل هو في هدف ونوعية العمل.. أما من لديه المقدرة أن يتعب في العمل والتدبير الحسن والتخطيط لأمور حسنة فهو إن لم يفعل ذلك يحسب له ذلك خطية، كقول الكتاب: “فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ” (يع٤: ١٧)… واذا كان البعض يدعون أن قول الرب بعدم الاهتمام بالغد قول يتعارض مع العمل للمستقبل..: “فَلاَ تهتموا للغد، لأَنَّ الغد يهتم بِمَا لِنَفْسِهِ يَكْفِي اليوم شره” (مت٦: ٣٤) وإذا كان التخطيط للمستقبل أمراً نافعاً لأمور هذه الحياة الفانية ، أليس من الأولى التخطيط للحياة الأبدية؟
*كاتب ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع