كتب نقولا أبو فيصل “بين جهابذة الاقتصاد اللبناني …واللعنة” !
مما لا شك فيه أن سياسة الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ العام 1990 حتى 2019 كانت ترى أن حجم الدين العام غير مهم ، بل أن حجم الاقتصاد ونسبة نموّه هما الأهم، أي طالما الإقتصاد ينمو أسرع من الدين فلا مشكلة حسب رأي جهابذة اقتصاد وطني يتحكم به التجار ورجال المصارف، وهكذا تضاعف الدين العام 800 مرة في 18 عاماً ، لأنّ النمو الاقتصادي الذي طالما افتخروا به كان نموّاً في القطاع المصرفي اي في ازدياد حجم الودائع ، الى أن وقع المحظور الذي كان حتمياً في تشرين 2019 ، ومعه انهارت العملة الوطنية من 1500 ليرة للدولار الى 45 الفاً والحبل عالجرار .
في تشرين الثاني من العام 2000 قررت الحكومة اللبنانية خفض الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من 40% إلى 5% وذلك بهدف تحريك الاقتصاد وزيادة النمو حسب رأيهم ، لكن النتيجة كانت إغراق الأسواق وإغلاق آلاف المصانع أبوابها وارتفاع جنوني في ارقام الاستيراد وخاصة الاحذية ، ففي العام 1995 كان لبنان ينتج عشرة ملايين حذاء سنوياً في حوالي 1200 مصنعا ، وكان ثلث الانتاج يصدر الى الخارج ، أما اليوم فإن لبنان يستورد 145 مليون دولار وعدد مصانع الاحذية عشرين مصنعاً ، كذلك تدنى عدد مصانع الالبسة والمنسوجات من 3610 مصنعا يعمل فيهم حوالي 22 الف عامل الى 273 مصنعاً مع فاتورة استيراد البسة بقيمة 500 مليون دولار
في الزراعة الوضع ليس بأفضل حالٍ مع موازنة للوزارة هي 1٪ من الموازنة العامة تكاد لا تكفي رواتب ومصاريف إدارية ، علمًا ان البيان الوزاري لحكومة صائب سلام سنة 1954 تضمن تعزيز زراعة الحبوب وتعميم استعمال الآلات الزراعية والأسمدة الكيمائية بهدف تحسين الانتاج الزراعي ، كذلك حصل لبنان في العام 2003 على إعفاء تام من الرسوم الجمركية المفروضة على مجمل الصادرات الزراعية الى الاتحاد الاوروبي بموجب الشراكة معه، لكن الميزان التجاري الزراعي بقي في حالة عجز حيث كان لبنان يُصدر ما قيمته 17 مليون دولار سنوياً ويستورد 700 مليون دولار وظلّت الدول الاوروبية تتذرّع بافتقاد المنتجات الزراعية اللبنانية للمواصفات المطلوبة في اوروبا .
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب”جزء 5