وفاة الرئيس حسين الحسيني: عرّاب الطائف وحافظ محاضره
توفي رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني عن عمر ناهز 86 عاماً. وأفاد مكتب الرئيس الراحل أن عارضاً صحيّاً ألمّ به، ووافته المنية صباح اليوم في المستشفى.
وإذا كان اسم الحسيني قد برز بشكل خاص كأحد عرّابي اتفاق الطائف، إلا أن مسيرته السياسية شهدت محطات بارزة، ليس أقلها دخوله المجلس النيابي عام 1972، وقد نجح في كل انتخابات نيابية تلت، إلى أن استقال من المجلس النيابي عام 2008.
بدأ حياته المهنية مديراً لإدارة شركة توليد وتوزيع الطاقة الكهربائية في مدينة بعلبك، ثم ترأس بلدية شمسطار، مسقط رأسه، لسنوات طوال، وشارك في خلالها في تأسيس “حركة أمل” إلى جانب السيد موسى الصدر. وقد تراسها بعد اختفاء الإمام من العام 1978 حتى 1980. انتخب رئيساً لمجلس النواب اللبناني منذ العام 1984 وحتى العام 1992.
تمسك الحسيني باستقلاليته، وبقي خارج الاصطفافات والتقسيمات السياسية، مترفعاً عن الدخول في متاهاتها. وقد كان جريئاً في مخالفة “الثنائي الشيعي” بدءاً من رفضه “احتكار المقاومة” وصولا إلى المطالبة بـ”الدولة المدنية”.
أُخذ عليه احتفاظه بمحاضر اتفاق الطائف وعدم نشرها أو الإفصاح الكامل عن مضمونها. وكان تبريره أن “هذه المحاضر اتسمت بالسرية، لأنها تضمنت مداخلات صريحة للنواب الحاضرين في مدينة الطائف، إذ كان هؤلاء النواب مدعوين إلى الخروج عن التحفظ والحذر في التعبير الواضح والصريح عن هواجسهم وهواجس الطائفة التي ينتمون إليها”.
ولطالما اعتبر “أن حكومات ما بعد الطائف لم تلتزم تنفيذ الاتفاق، وأمعنت في ضرب ركائز ميثاق العيش المشترك”.
نعي وحداد رسمي
وقد نعى السياسيون الرئيس الحسيني، وأصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مذكرة تقضي بإعلان الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام، اعتباراً من اليوم الأربعاء، تنكس خلالها الأعلام على الإدارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات.
كما أعلن رئيس مجلس النواب نبيه برّي تاجيل جلسة انتخاب رئيس للجمهورية التي كانت مقررة غداً.
برّي: ما بدل تبديلا
وأصدر برّي بياناً نعى فيه “إلى اللبنانيين كبيراً من كبار لبنان، وقامة وطنية من قاماته التي ما بدلت تبديلاً، نذرت جل حياتها دفاعاً عن الوطن وعن إنسانه ووحدة ترابه وهويته الوطنية والقومية، جهاداً متواصلاً بالقول والعمل والكلمة الفصل الطيبة. عنيت به رفيق الدرب دولة رئيس مجلس النواب السابق السيد حسين الحسيني، والذي برحيله وإرتحاله إلى جوار ربه نفقد ويفقد لبنان قيمة إنسانيه وتشريعية ونضالية لا تعوض”.
ميقاتي: أدرك خصوصية لبنان
ونعاه الرئيس ميقاتي، معتبراً انه “بغيابه تطوى صفحة مشرقة من تاريخ العمل السياسي والبرلماني العريق. لقد شكل حضور الرئيس حسين الحسيني علامة فارقة في تاريخ العمل النيابي في لبنان، وطبع العمل التشريعي بخطوات أساسية على مدى سنوات عديدة”.
أضاف: “وكان لدوره الرائد في حقبة مؤتمر اتفاق الطائف فضل كبير في إقرار “وثيقة الوفاق الوطني” التي أنهت الحرب اللبنانية. كما عرف، بحسه الوطني وإدراكه العميق لخصوصية لبنان ودوره، كيف يؤمن التوازنات اللبنانية في صلب إصلاحات دستورية تشكل ضمانة الاستقرار في لبنان، فيما لو جرى تطبيقها بالكامل واستكمل تنفيذها”. وختم: “دولة الرئيس، نودعك اليوم، ولكنك باق أبداً في الوجدان وفي ذاكرتنا الوطنية، رجل دولة بامتياز، لم يكن مروره عاديا بل ترك بصمات لا تمحى وسيسجلها التاريخ بتقدير واعتزاز”.
لحود: نزاهة وترفع
كذلك، صدر عن الرئيس الأسبق العماد إميل لحود، بيان نعى فيه الحسيني، وقال: “برحيل الرئيس حسين الحسيني، خسر لبنان رجل دولة بامتياز، ليس فقط لأنه كان خبيراً دستورياً وقانونياً ورجل مؤسسات ووطنياً إلى أقصى حد، بل هو امتلك صفة تكاد تصبح نادرة لدى الطبقة السياسية، وهي النزاهة والترفع، وقد شكل فقدانهما أساس خراب البلد، وكانت نتيجته ما نعيشه اليوم من أزمات وانهيار”.
السنيورة:يُفتقد في ظل تسلط السلاح
واعتبر الرئيس فؤاد السنيورة، في بيان “أن لبنان خسر بوفاة الرئيس حسين الحسيني رجل الدولة الحكيم والمتزن، الذي عمل من أجل لبنان واللبنانيين، وكان له الإسهام الكبير، في توصل المجلس النيابي اللبناني إلى إنجاز إقرار وثيقة الوفاق الوطني، والتي أعادت إحياء الحياة الوطنية اللبنانية على أسس ومنطلقات حديثة خلاقة ومتوازنة”.
وتابع: “لا شك أن اللبنانيين، وفي ظل هذه الظروف الحساسة والدقيقة، وطنياً ودستورياً ومؤسساتياً، وفي ظل استمرار تسلط السلاح الخارج عن سلطة الدولة على الحياة الوطنية يفتقد اللبنانيون الرئيس الحسيني ويشعرون بمدى الحزن الشديد على رحيله”.
سلام: صيانة الاستقلال
كما نعى الرئيس تمام سلام في بيان الرئيس الحسيني، وقال: “خسر لبنان اليوم قامة وطنية كبيرة بعد مسيرة طويلة من العمل السياسي والوطني بين أقرانه من قادة البلد الذين ساهموا في صيانة استقلال ووحدة وسيادة لبنان في أصعب الظروف وأدق المراحل”.
أضاف: “عرف الفقيد بمواقفه الصادقة والمخلصة في سبيل الحفاظ على ديموقراطية العمل السياسي من خلال مسؤولياته البرلمانية وفي مقدمها رئاسة مجلس النواب في أحلك وأصعب الأوقات، وكذلك في ما أتيح له من مساهمة فعالة وناجحة في إنقاذ لبنان من أتون الحرب والعبور فيه إلى دستوره الجديد في إطار الجلسات الماراثونية التي انعقدت في الطائف برعاية عربية ومشاركة نيابية جامعة”.
تابع: “كان دائماً ساعياً إلى المواقف البناءة والمرتكزة إلى قناعات دستورية وقانونية شفافة من أجل تعزيز الوحدة الوطنية”.
دياب: رجل حوار
من جهته، نعى الرئيس حسّان دياب الراحل معتبراً أن لبنان “يخسر رجل حوار وانفتاح، وعلَماً من أعلام الدستور. لقد شكّل الرئيس الراحل عنواناً لاتفاق اللبنانيين في الطائف على دستورهم الجديد الذي أنهى الحرب، ووضع البلد على مسار السلم الأهلي”.
الحص: علامة فارقة
وقال الرئيس سليم الحص في بيان: “بوفاته يتكبد لبنان واللبنانيون خسارة لا تعوض في الانفتاح والحوار الوطني والتشريع والمعرفة في مجلس النواب. كان الرئيس حسين الحسيني علامة فارقة في تاريخ العمل النيابي في لبنان، وهو الرائد الأساسي الذي أسهم في إنجاز وثيقة الوفاق الوطني المعروفة باتفاق الطائف”.
وختم: “نودعه اليوم، لكن إرثه الوطني الغني بالنزاهة وبالإنجاز باق أبداً في الضمير وفي الذاكرة الوطنية، وفي تاريخ الوطن رجل الدولة المشرف بامتياز”.
حرب لـ”المدن”: ضمير وطني وديموقراطي
النائب والوزير السابق بطرس حرب قال لـ”المدن” إن لبنان خسر اليوم أحد أهم حكمائه الذين يشكلون الضمير الوطني والديموقراطي للنظام الديموقراطي. وقد طوّر نظاماً غير قابل للحياة إلى نظام يُفترض أن يكون قابلاً للحياة، وقد أجهض نتيجة التطورات الدولية التي عطّلت وثيقة الوفاق الوطني وتنفيذها، وضربت النظام السياسي الديموقراطي، وأدت إلى فقدان السيادة الوطنية إن لم يكن لدولة خارجية فلحزب يأتمر بدولة خارجية”. وأضاف حرب “خسارة الرجل، رغم قواعد الحياة، تعطي شعوراً أن احد مداميك الوطن والنظام انهار. فمثله نادرون والتعويض عن فقدانهم صعب، لاسيما أن البلد يمر بهذه الظروف الصعبة التي يتهدد فيها وجوده كدولة حريات ومؤسسات وعدل وأمان”.
المجلس الاسلامي الشيعيونعى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الرئيس الحسيني، معبراً عن الحزن لخسارة “صاحب السيرة الحافلة بالعطاءات والمواقف الوطنية والإسلامية الوحدوية نصرة لقضايا الوطن والأمة ، فساهم مع الامام السيد موسى الصدر واخوانه في تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وحركة “أمل” ورفع لواء رفع الحرمان عن المناطق المحرومة في لبنان وتصدى للحرب الفتنة بين اللبنانيين، رجل الحوار وداعية الانفتاح والتعاون بين اللبنانيين عمل بجد لترسيخ العيش المشترك وتحصين السلم الأهلي”.
وتابع: “لقد خسرنا قامة وطنية في الوقت الصعب، فكان الراحل الكبير من رجالات الدولة الكبار وعلماً من اعلام الوطن اتسم بالاعتدال والمناقبية الوطنية العالية “.
جعجع: الحاجة إلى العقلاء
غرد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عبر حسابه على “تويتر”: “أتوجه من عائلة الرئيس حسين الحسيني الكريمة ومن سائر اللبنانيين بأحر التعازي بوفاة دولة الرئيس حسين الحسيني الذي رحل ولبنان أحوج ما يكون إلى العقلاء المعتدلين ورجال الدولة”.
وقد نعى الرئيس الراحل عدد كبير من السياسيين والنقابيين ورجال الدين والإعلاميين معددين صفاته ومناقبيته والحاجة لأمثاله.