جوزف القزي …حارس الاحلام الجميلة !
بقلم الدكتور مروان أبو لطيف*
رحل جوزف القزي بعد أن طوى اوراقه المكتوبة بحبر الزمن الجميل … تأبطها بقوة خوفاً عليها أن تسقط منه قبل مواراته الثرى… ثم رحل .
كان واحداً من رعيل كبير ترامى انتشاره من أقاصي الشمال الى أقاصي الجنوب ومن ساحات المدن الصاخبة الى سطيحات القرى الوادعة ، رعيل ٍ نشأ وترعرع وكبر في أفياء فكر كمال جنبلاط ، المنبلج آنذاك كالنور في العتمة ، والحامل بجناحيه معتنقيه الى رحاب الانسانية الواسعة بعيداً عن التقوقع الضيق والتعصب المَرَضي والانتماء المحصور بين جدران الجغرافيا الصغيرة والتاريخ المتعثر والموروثات المتحجرة ، فوجد في هذا الفكر ضالته المنشودة !
لكن جوزف القزي كان بين مجايليه الاكثر عشقاً لهذا الفكر ، وربما الاقدر على شرحه وتفسيره وتبسيطه والتبشير به والإقناع بصوابيته ، لأنه تمثله بكل جوارحه ودافع عنه كما عن المقدسات!
ما تحدث مرة عن كمال جنبلاط بعد استشهاده إلا بكلمتي المعلم الشهيد أو القائد الشهيد ، وكانت عيناه تلمعان دائماً بدمعة خفية .
كما كانت نظرته الحادة والثاقبة نحو محاوريه مرفقةً بابتسامة وادعة تعكس هدوء صاحبها المقتنع برسوخ ما هو عليه .
وهو الى ذلك ، كان شديد التواضع ، أنيس الحضور ، عميق الدماثة، زاهداً بالسياسة ومناصبها ، كارهاً لدهاليزها ومكائدها …
لكأن أصالته الجبلية الراسخة في قلبه ووجدانه وفي صلب يومياته جعلته يزداد قناعة بأنه بأدائه الجميل والبسيط في العيش والتواصل يقدم نموذجاً يحتذى فيما يتعدى القرية والمنطقة والمذهب والطائفة ليبسط جناحيه على امتداد الوطن وفكره على مدى الإنسانية .
رحل حارس تلك الاحلام الجميلة …
الرفيق الأصيل والصديق النبيل جوزف القزي وداعاً !
*كاتب وطبيب عيون