بين السياسة والدبلوماسية…دهاليز
كتب نقولا أبو فيصل*
ترتبط السياسة غالباً بالأحزاب السياسية ، أما الدبلوماسية فإنها ترعى أنشطة الدول فيما بينها ونيابة عنها ، وفيما ترسم الدول العظمى سياساتها الخارجية تبعاً للمصالح الاقتصادية وتخلق لذلك ما يعرف بالسياسة المالية والسياسة النقدية للبلاد ، وفيما السياسة المالية تنحصر بالإنفاق الحكومي وجمع الإيرادات ، عندما يكون الطلب منخفضًا في الاقتصاد مما يُمكن الحكومة من التدخل وزيادة إنفاقها لتحفيز الطلب. أو يمكن أن تخفض الضرائب لزيادة الدخل المتاح للأشخاص والشركات.
وغالبًا ما تكون السياسة النقدية للبلاد في قفص الاتهام كما حصل في لبنان مثلاً حيث انهارت الليرة اللبنانية 100 مرة منذ الاستقلال حتى اليوم , منها 20 مرة خلال السنوات الثلاث الاخيرة ،فيما الدينار الجزائري خسر من قيمته أكثر من 850 مرة منذ استقلال الدولة ايضاً وفيما يرى كثيرون من اهل الاختصاص أن السياسة الماليّة المتّبعة في لبنان قد أدّت إلى تشوّهات في الاقتصاد اللبناني والى ارتفاع كبير في الدين العام الذي أصبح مشكلة بنيويّة تُكبّل قدرات الدولة وتحدّ من إنتاجيّة الاقتصاد اللبناني وتنافسيّته، فإن النظام الضريبي الحالي يخدم الاقتصاد الريعي ولا يُحفِّز الاقتصاد المنتج الخالق لفرص عمل مستدامة، وعليه فإن إصلاح السياسة الماليّة هو من اولويات الحكومات القادمة حتماً.
تشير السياسة الخارجية أساساً إلى المواقف والاستراتيجيات التي تعتمدها الدولة بقصد تعزيز مصلحتها الوطنية والتي يمكن أن تختلف من بلد إلى آخر ، ويمكن اعتبار سياسة الولايات المتحدة الاميركية التي تبدلت بعد الحرب العالمية الثانية مثالاً جيداً ، فبعد ان كانت تعتمد العزلة وعدم التورط في قضايا الساحة الدولية في سياستها الخارجية تبدل هذا الموقف حيث اصبحت أكثر انخراطاً في الشؤون العالمية ربما بسبب ظهور الشيوعية وما تبعها وصولاً الى التنين الصيني .
على أن أهمية الدبلوماسية في تطور العلاقات الدولية كبيرة للغاية حيث أنها الرابط الرئيسي بين الدول، كما أنها الوسيلة الأولى للتواصل بين الدول بعضها ببعض ومتابعة مدى إحكام الاتفاقيات وتنفيذها، كما أنها تدعم بشكل كامل التبادل الثقافي والسياسي والتجاري بين الدول ، وهناك العديد من المهام التي تقوم بها البعثات الدبلوماسية مثل المفاوضات بينها وبين الدولة المضيفة،وحماية الرعايا على اراضيها مع حماية المصالح الخاصة بالدولة الموفدة، ومتابعة مدى الالتزام بكل ما اتفقت عليه الدولتان وتوطيد العلاقات الدولية وخاصة السياسية والاقتصادية, ومن حقي كمواطن أن أسأل هل ينحصر عمل السفارات المعتمدة في لبنان بالدبلوماسية فقط أم أنها تتعاطى السياسة بل أكثر من ذلك ؟
*كاتب ورئيس مجموعة غاردينيا غران دور الاقتصادية، رئيس تجمع الصناعيين في البقاع.