بين بصمة الاصبع وبصمة اللسان.. هوية
نقولا ابو فيصل*
تروي قصة في الأدب الفرنسي عن خلاف وقع في الغابة بين ذئب وحمار ، ويقال أنهما اختلفا ذات يوم على لون العشب ! قال الحمار : لون العشب أصفر لكن الذئب قال : لونه أخضر ، واشتد الخلاف كثيراً ، وأخيراً قررا أن يحتكما إلى ملك الغابة ، بدأت المحاكمة وأدلى كل بحجته ، وعند إصدار الحكم ، وإذ بالأسد الحاكم يخيب آمال الحاضرين ، فقد حكم على الذئب بالسجن لمدة شهر واحد ، وببراءة الحمار ! استنكر الذئب وقال : سيدي أليس لون العشب أخضر ؟ قال الأسد : بلى، اجابه الذئب : إذاً لماذا حكمت علي بالسجن وأنا لم أخطئ الرأي ؟ قال الأسد : صحيح إنك لم تخطئ الرأي لكنك أخطأت عندما جادلت حماراً، لذلك أمرت بسجنك لكي تتعلم ان لا تجادل من لا يستوعب ولا يفهم ومن ليس بأهلٍ لذلك !
الحكمة من هذه القصة ان لا تجادل انساناً لا يستوعب خاصة اذا كان أسير العصبية والطائفية والحزبية والجهل ، وما اكثرهم اليوم ، لأنك لن تخرج بنتيجة ، بالاخص في هذه الأيام اللعينة حيث صار الحمار فصيحاً في العلوم السياسية ، فإذا كانت بصمة إصبعك تميز هويتك الشخصية عن الآخرين ، فبصمة لسانك تميزك في قلوب البشر ، فاجعلها بصمة مميزة لا يشبهها أحد حتى انك إذا أردت أن تكتشــف شخصية أحدهم عليك مراقبة تعليقاته لا منشوراته ، لان ثقافة الرد هي معيار العقل، حيث يسهل عليك اكتشاف البشر بين من تنحني له إحتراماً وبين من تشمئز من ردوده وكلماته السيئة ،
واذا كانت بصمة الأصبع تثبت هوية شخصية الانسان ، فان بصمة اللسان تثبت حصاد تربيته ايضاً ،وتعد البصمة الذكية أهم وسائل التكنولوجيا الحديثة للتعرف على الهوية ، وذلك لدقتها واستحالة تكرارها بين البشر , وفي هذا الإطار نشرت مجلة”فوكاس” الإيطالية قائمة من المعلومات عن البصمة الذكية وخصائصها وطريقة تشكلها من آثار تعرق اليد ، وتمتاز بصمات أصابع اليد والقدم على حد سواء بأنها غير مرئية وتتكون من عدد كبير من المواد الكيميائية التي تفرزها جلودنا من خلال التلامس مع البيئة ، وهذه المواد تستطيع ان تكشف صاحب البصمة .
*كاتب ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع