بين جبران خليل جبران والقدر الذي جعله مبدعاً
وُلد جبران خليل جبران في العام 1883 في بشرّي شمال لبنان وعاش حياة فقيرة مع أمه كاملة رحمة المعروفة “كاميليا” وأبوه خليل وهو الزوج الثالث لها بعد وفاة زوجها الأول وبطلان زواجها الثاني ، كانت أسرته فقيرة عكس ما اخبر ماري هاسكل بأنه ينحدر من أسرة غنية وذلك بسبب كسل والده وانصرافه إلى السكر والقمار، لذلك لم يستطِع الذهاب الى المدرسة ، حيث عمد كاهن القرية الأب جرمانوس الى زيارته في المنزل وتلقينه الإنجيل واللغة العربية والسريانية ،كما تعلم مبادئ القراءة والكتابة من الطبيب سليم الضاهر مما فتح أمامه مجال المطالعة ، في العام 1891 سجن والده مدة ثلاث سنوات بتهمة الاختلاس وتم مصادرة أملاكه وبعد خروج الوالد من السجن قررت والدته الهجرة مع أخيها إلى نيويورك مصطحبة معها جبران وأختيه ماريانا وسلطانة، وأخاه بطرس حيث توفي جبران هناك بمرض السل في العام 1931 وهو في عمر 48 سنة ، وهو المرض الذي مات نصف عائلته به وكانت امنيته أن يدفن في وطنه لبنان وفعلاً تحققت امنيته بعد عام من وفاته حيث دُفن في صومعته التي عرفت لاحقاً باسم متحف جبران.
في طفولته كان جبران يحب الوحدة والانطواء على الذات بعيداً عن الأقارب والجيران كان طموحاً،متواضعاً وشديد الرغبة بالشهرة ، قامت ثورته في ولاية بوسطن حيث عاش على التقاليد والنظم البالية في المجتمع الشرقي، وذلك عندما أحس بالتناقض بين الحرية الفكرية والاجتماعية هناك وبين بيئته الشرقية ، وقد ظهر أثر قراءته لشكسبير وافلاطون ونيتشه في رومانسيته وتصوفه ، كما ظهر أثر الإنجيل بارز في نتاجه ، حيث خصّ المسيح بكتابه “يسوع ابن الإنسان” كما تأثر بالتصوف الهندي وآمن بوحدة الوجود والتقمص وبالحب وسيلة لبلوغ الحقيقة فضلاً عن قراءته الأساطير القديمة.
اشتهر “كتاب النبي” في اميركا الذي نشره في العام 1923، وهو مجلد من المقالات الروحية، والذي لا يزال يلهم كثيرين بعد 82 عامًا من وفاته ، تُرجم فيلم “النبي” إلى أكثر من 40 لغة ، كما لا يزال يسافر سنويًا حوالي 80 ألف زائراً إلى “متحف جبران” في مسقط رأسه في بشري ، وتعتبر مؤلفاته الأكثر مبيعاً بعد مؤلفات شكسبير ،كما حرص على احترامه للاديان وضد تسييس الدين وبهذا الصدد كتب في مقالة بأنها رسالة “إلى المسلمين من شاعر مسيحي:“أنا أجلُّ القرآن ولكنني أزدري من يتخذ القرآن وسيلة لإحباط مساعي المسلمين، كما أنني أمتهن الذين يتخذون الإنجيل وسيلة للحكم برقاب المسيحيين”. في الخامسة عشرة من عمره عاد جبران مع عائلته إلى بيروت ودرس في مدرسة الحكمة وكان يقضي العطلة الصيفية في بشرّي ولكنه ترك منزل والده الذي تجاهل مواهبه وعاش مع ابن عمه نيقولا ، حيث وجد عزاءه في الطبيعة،وصداقة أستاذ طفولته سليم الضاهر، وعلاقته مع سلمى كرامة التي استوحى منها كتاب “الأجنحة المتكسرة “
بحث نقولا أبو فيصل