4 ساعات تحقيق مع خيرالدين.. وقضية المرفأ بقبضة الفرنسيين
استكملت الوفود القضائية الأوروبية جلسات الاستجواب الثانية، اليوم الثلاثاء 17 كانون الثاني، في قاعة محكمة التمييز ببيروت. في تمام التاسعة صباحاً، بدأت جلسة التحقيق مع المصرفي مروان خير الدين، وتبعه أحمد جشيّ، فيما اعتذر رئيس الدائرة القانونية في مصرف لبنان المركزي، بطرس كنعان، عن الحضور لأسباب خاصة.
أسئلة واستفسارات
مروان خير الدين، المعروف بـ”فتى المصارف”، وهو المدير العام لبنك الموارد، وزير سابق، مرشح الثنائي الشيعي الخاسر في الانتخابات النيابيّة عام 2022، وبالرغم من الدعم السياسي الذي يحظى به، فقد خضع لجلسة استجواب مديدة. أربعة ساعات متواصلة، جرى فيها طرح أسئلة متنوعة حول المبالغ المالية والتحويلات الخارجية التي تمت عبر مصرفه. ويبدو أنه أظهر تعاوناً مع المحققين والقضاة الدوليين، فأجابهم على جميع الأسئلة والاستفسارات في حضور وكيله القانوني.
تركز جهد الوفود القضائية الأوروبية خلال جلسات الاستجواب على معرفة الأساليب والطرق التي اعتمدها سلامة خلال عمليات تبييض الأموال، وعلى آلية عمله داخل مصرف لبنان المركزي. من أجل ذلك، فقد حقق القضاة اليوم مع أحمد جشّي، وهو النائب السابق لحاكم مصرف لبنان، الذي وصل إلى محكمة التمييز “بحيوية ونشاطٍ”، ولم يظهر عليه أي ارتباك من المثول أمام القضاء الدولي، ودخل إلى جلسة الاستجواب وحده من دون الحاجة إلى محامٍ.
سبق وأن حققت الوفود القضائية يوم أمس الإثنين، مع النائب الثاني لحاكم مصرف لبنان، فترأست الجلسة القاضية ميرنا كلاس، وطرحت الأسئلة على العنداري التي أجاب عليها باللغة العربية. وتمحورت حول التحويلات المالية إلى سوسيرا عبر شركة “فوري” التي يملكها رجا سلامة، شقيق رياض سلامة. وعن العقارات والأملاك التي تعود لهذه الشركة. واكتفى الوفد القضائي بتدوين الملاحظات.
استراحة وفلافل!
وفور انتهاء الاستجواب، تناولت الوفود القضائية “سندويشات الفلافل” خلال استراحة الغذاء، وكان من المفترض استكمال التحقيق مع الشاهد الثاني خليل آصاف، غير أن الأخير لم يحضر لأسباب صحيّة، فأرجئت جلسته إلى موعد يحدد لاحقاً.
وحسب مصدر قضائي لـ”المدن”، فإن المرحلة الأولى من التحقيق ستنتهي يوم الجمعة 20 كانون الثاني، وستجتمع الوفود القضائية مع القاضي غسان عويدات لاطلاعه على التقارير الأخيرة، وحينها ستحدد مواعيد المرحلة الثانية من التحقيق، وسيتم استدعاء مزيد من الشهود. ومن المتوقع أن تُمدد الوفود القضائية زيارتها في بيروت لمتابعة المرحلة الثانية من التحقيق.
تحركات احتجاجية
لا شك أن لهذا “التدخل” الدولي للتحقق في قضايا الإختلاس وتبييض الأموال، في بلدٍ يمر بأضخم أزمة اقتصادية منذ حوالى ثلاث سنوات، تأثير واضح على مسار القضاء اللبناني، الذي صار عاجزاً على متابعة ملف حاكم مصرف لبنان. لذا، يحاول المواطنون وأصحاب القضايا المتوقفة في القضاء اللبناني، أن ينظموا تحركات ووقفات احتجاجية أمام قصر العدل، تتزامن مع وجود الوفود القضائية داخل قاعة المحكمة التمييزية.
لذا نظمت جمعية صرخة المودعين وتحالف “متحدون” تحركاً أمام قصر العدل اليوم، تحت شعار استرجاع أموال المودعين. وطالب المعتصمون الوفود الأوروبية باتخاذ أشد الإجراءات بحق رياض سلامة وإعادة “الأموال المنهوبة”. فوضعوا مكبرات الصوت أمام المدخل الرئيسي لقصر العدل وعرضوا مطالبهم باللغة الانكليزية متهمين رياض سلامة بسرقة أموال المودعين.
لم ينظم أهالي ضحايا المرفأ أي وقفة احتجاجية أمام قصر العدل، لكنهم طالبوا بلقاء رسمي يجمعهم مع القضاة الاوروبية، وهم بانتظار موافقة الوفود على طلبهم.
القضاء الفرنسي يتدخل
مصدر قضائي مطلع على ملف تحقيق المرفأ أوضح لـ”المدن”: “كان من المفترض أن يصل الوفد الفرنسي المؤلف من قاضيين إلى بيروت في 23 كانون الثاني للاطلاع على مجرى تحقيق المرفأ، ولكنه وصل مؤخراً إلى بيروت، واجتمع صباح اليوم مع القاضي غسان عويدات، والقاضي صبحي سليمان، طالباً من القضاء اللبناني توضيحاً حول المستندات التي أُرسلت من الجانب الفرنسي إلى القضاء اللبناني حول هذه القضية، غير أن القضاء الفرنسي لم يحصل على أي إجابة”.
وحسب المراجع القضائية فإن القاضي غسان عويدات أوضح للوفد الفرنسي أنه متنحٍ عن ملف التحقيقات، وأن القاضي البيطار مكفوفة يده بسبب طلبات الرد بحقه، علماً أن اجتماعاً خاصاً سيعقد يوم غد وسيحضره الوفد الفرنسي والقاضي صبحي سليمان والقاضي طارق البيطار لمناقشة المستجدات في هذه القضية.
لقد أصبح واضحاً انعدام الثقة بالقضاء اللبناني. من أجل ذلك، فرض القضاء الدولي “تدخله” على القضاء اللبناني للتحقيق في أكبر ملفات الفساد والأمن. ومن الواضح أن الوفد الفرنسي يحاول وضع قضية المرفأ تحت “قبضته”. فهل سنشهد تطورات لافتة خلال الأيام المقبلة؟
المدن