سلامة يشتري 20 مليون دولار يومياً عبر “الدكتور”
لم يتمكن بسام، وهو أحد صرافي الشارع، من رفع عينه عن شاشة هاتفه لملاحقة الرصاص المتصاعد من الأحياء الواقعة خلف المدينة الرياضية، بسبب اشتباكات غير واضحة المعالم بعد. فهو يُراقب سعر صرف الدولار الذي يتبدّل بين دقيقة وأخرى، على وقع صدور قرار بين “المركزيات” في المناطق، بإلغاء “الكسور” بين العرض والطلب، بمعنى أن الفارق بين الشراء والمبيع لن يكون 20 أو 40 ليرة، بل “100 وطلوع”، حسب الشاب الذي يركض لبيع ما يشتريه من دولارات فوراً ليضمن ربحه من العملية.
20 مليون دولار يومياً
أكثر من ألفي ليرة ارتفع سعر صرف الدولار اليوم، فوصل إلى حدود 60500 ليرة. وعندما نتحدث عن ارتفاع صاروخي بسعر الصرف، لا بد أن يكون لمصرف لبنان الدور الأساسي، حسب ما يقول أحد الصرافين في حديث لـ”المدن”، مشيراً إلى أن هذا الارتفاع الصاروخي الذي تشهده السوق السوداء سببه قيام مصرف لبنان بطلب 20 مليون دولار يومياً.
“عاد مصرف لبنان إلى شراء الدولار بقوة لم يشهد لها مثيلاً طيلة المرحلة الماضية”، يقول الرجل، كاشفاً أن كل هذه العمليات تتم عبر جهة واحدة يقودها “الدكتور”، الذي سبق لـ”المدن” أن تحدثت عنه. فهو اليوم يتولى عملية شراء الدولار لحساب مصرف لبنان، وكل مركزيات لبنان تصبّ في مكان عمله الجديد الذي استأجره مؤخراً في منطقة الجناح، في العاصمة بيروت.
يُعتبر “الدكتور” جديداً بعض الشيء في السوق، لكنه تمكن من خلال شبكة علاقات واسعة، وبدعم مباشر من متمول كبير يعمل في مجال “الأموال”، وشخصية سياسية بارزة غائبة عن الساحة اللبنانية منذ فترة، أن يفتح باباً مباشراً مع المصرف المركزي، ويصبح الرقم 1 في سوق الدولار في لبنان في هذه الفترة، وهو يجمع حوالى 20 مليون دولار يومياً للمركزي.
يعمل “الدكتور” بطريقة “التلزيم” مع الصرافين البارزين في كل منطقة، فيسلمهم الليرات مقابل ضمانات بالدولار، تُسترد بعد إجراء العمليات، ومن أجل هذا الطلب الكبير جداً على الدولار، وبظل خوف اللبنانيين من البيع، خشية ارتفاع الدولار أكثر، ترتفع الأسعار بشكل جنوني، لجذب حاملي الدولار إلى بيعه، ففي بعض الأحيان يطلب “الدكتور” الدولارات على سعر أعلى من سعر السوق بـ 500 ليرة، بحال كان مستعجلاً للحصول على الدولارات.
شركات تحويل ونقل الأموال خارج اللعبة
في السابق كانت مهمة جمع الدولارات على عاتق شركات، لكن هذه العملية كانت تسبب خسائر كبيرة للمصرف المركزي بسبب العمولة الكبيرة التي كانت تتقاضاها الشركات، لذلك أخرجها رياض سلامة من السوق، وبدأ تعامله مع أفراد، يكون هامش ربحهم أقل. وحسب المعلومات، فإن هؤلاء يحصلون اليوم على حوالى 20 ألف دولار مقابل كل مليون دولار يشترونه من السوق.
هذا الطلب اليومي الكبير على الدولار، الذي يترافق مع طلبات يومية أيضاً لشركات المحروقات الكبرى على مستوى لبنان، يجعل الدولار محلّقاً. وهو لن ينخفض ما لم يسعى لذلك المصرف المركزي، الأمر الذي يطرح تساؤلات كبرى حول سبب شراء المصرف المركزي لهذه الكميات من الدولار، فهل يُريد إعادة ضخها بالسوق، بعد فشل تجربة صيرفة في المرة الأولى، أم أن للأمر أهدافاً أكبر تتعلق بالسياسة وما يشهده لبنان اليوم في هذا السياق من ضغوط؟
المدن