بين ميشال ابراهيم الصقر وميشال إيلي مخول.. الأمن الاستباقي هل هو الحل في زحلة؟!
كتب عارف مغامس – خاص اليوميّة
في مثل هذا اليوم،في السابع من آذار من العام 2014 ، قبل تسع سنوات، وفي صبيحة يوم مدرسي تلقى رجل الاعمال والناشط السياسي والاجتماعي ابن مدينة زحلة ابراهيم الصقر رسالة موقعة بالدم ، ممهورة باختطاف نجله ميشال،ابن التسع سنوات في ذلك الوقت، وهو في طريقه مع شقيقته الى المدرسة، حيث اعترضتهم سيارة “جيب شيروكي” في داخلها اربعة ملثمين اعتدوا بالضرب عبر مسدس حربي على رأس سائق السيارة، فخطف ميشال لتطويع ابراهيم الصقر الممتنع عليهم ليقولوا له ” ممنوع عليك رفع صور رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع حيث كان الصقر قد شهرها منتصبة على امتداد الحدود الدولية من المصنع الى بيروت وفي زحلة، على بانوهات عملاقة. لكن الخاطفين حينها تخفوا بقناع الفدية المالية الضخمة، ولم تلبث أن قامت الدنيا ولم تقعد، بعد ان انتفضت زحلة بكل مكوناتها، وتحركت الدولة وحكومة الرئيس تمام سلام آنذاك، بوزرائها المعنيين، وقيادة الجيش والاجهزة الامنية والعسكرية، وكان للدكتور جعجع الموقف الصريح والواضح لن نقبل الا بعودة ميشال الصقر، فقالت زحلة كلمتها “ما قبل الخطف ليس كما بعده” فكان الرد ليس فقط عبر قطع الطرقات والتصعيد والمواقف الشاجبة، بل أيضا عبر ارادة روحية ودينية وشعبية لوقف مسلسل الفلتان والاستهداف لعروسة البقاع زحلة، خصوصا ان عشرات عمليات السرقة والاستهداف والسلب والخطف كانت تحصل على مدار سنوات، ونادرا ما كان يكشف السارقون او الخاطفون من طالبي الفدية او الابتزاز. لتشهد المدينة مرحلة استقرار نسبي بعد استرجاع ميشال الصقر دون قيد او شرط، وبعد تدخلات عالية المستوى، ابرزها من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
الرسالة وصلت من الخاطفين ومن يقف خلفهم، والرد كان حاسما عبرت عنه مدينة السلام بلغة غير قابلة للمساومة، يعززها تأكيد الثقة بالدولة وأجهزتها الامنية وإرادة المدينة واهلها، لتكون أقوى من لغة التهديد والوعيد والخطف والتهويل على قامات زحلة.
في السادس والعشرين من شباط المنصرم، أعيد المشهد الى أذهان ووجدان الزحليين، إذ اقدم قبل أيام اربعة خاطفين يستقلون جيب شيروكي وفي وضح النهار ايضا على خطف الشاب الوسيم ميشال ابن الصناعي العريق إيلي مخول المعروف بعلاقاته الطيبة ومحبة الزحليين له، بعد مراقبة ورصد، وهو كما أشير في بعض الاعلام انه قريب النائب السابق عضو كتلة الجمهورية القوية سابقا سيزار المعلوف، فاختطف على مرأى خطيبته وفي ظروف أمنية معقدة، سرعان ما فككت أجهزة الدولة شيفرة الخطف.
وفي عملية نوعية نتيجة سرعة التحرك والضغط الزحلي من مرجعياتها وفعالياتها والتحرك الميداني لأهالي المدينة على الاوتوستراد الرئيسي، وتدخل قيادة الجيش ومديرية المخابرات بشكل حاسم ومباشر، أستعيد ميشال مخول قبل أن يدخل في منطقة المحظور الأمني، حيث تتموضع بؤر أمنية لا تزال شبه عصية على القبض بنظر القابضين على أمنها وقرارها، في حين انها باتت غير عصية على الجيش ومخابراته وعلى الاجهزة الامنية التي تضرب بيد من حديد وتثبت يوما بعد يوم باصرار من قائد الجيش العماد جوزاف عون، ورؤساء الاجهزة الامنية أن لا خيمة فوق رأس أحد ولا غطاء يحمي أي خارج على القانون، رغم الحملة التي تشن اليوم على العماد عون الذي يعرف ماذا يريد؟ وماذا ينتظر لبنان؟ وكيف يتصرف بحكمة وشجاعة .
فكرة الأمن الذاتي التي اطلقها عدد من الأهالي والمرجعيات لا تعني خروجا على الأمن الذي تديره الاجهزة الأمنية، بل يقع في صلب المعادلة التي فرضت نفسها على المدينة بحسب مرجع زحلي ذاق لوعة الخطف، إذ يعرب عن اعتقاده أن المواطن الزحلي مسؤول كما رجال الأمن، وذلك من خلال اليقظة محبذا لو يتم تعميم خط ساخن بالتنسيق من الاجهزة الامنية لتوفير سرعة التحرك ضمن خطة تقضي بتوفير خطة طوارىء بين الاجهزة المولجة حماية المدينة بعد تعزيز عديدها وامكانياتها وشرطة بلدية زحلة وقرى الجوار، ووضع غرفة تحكم مجهزة بكاميرات مراقبة حديثة في الشوارع والمداخل التي تعد حساسة ودقيقة، ولا يمكن لأي عملية خطف او سرقة أن تتم دون عبورها فتكون مراقبة وتقع ضمن الخطة، إضافة إلى فكرة تطوع عدد من شباب المدينة لتحمل المسؤولية المجتمعية مع شرطتها في هذا الظرف الصعب، على أن يكونوا بأمرة بلدية زحلة كونها جهة رسمية باعتبارها تؤمن المسوغ القانوني للمساعدة في المهام التي توكل إليهم.
ويرى المرجع الزحلي أن الأمن الاستباقي بات حاجة زحلية كي لا تتكرر مشاهد الخطف والسرقات، وكي لا تستباح زحلة وقراها من قبل عصابات الخطف والسرقة، لتبقى المدينة مدينة سلام وحب ومفتوحة للجميع، وآمنة لأهلها وضيوفها.
في الذكرى التاسعة لتحرير ميشال ابراهيم الصقر الذي عاد إلى ذويه ومدينته سالما ليل فجر الثامن من آذار اي بعد ساعات على اختطافه، آن الأوان أن تنعم زحلة بالهدوء وينعم أهلها براحة البال، فخاطفو ميشال الصقر باتوا من الماضي، وميشال أمامه المستقبل المفتوح على الحياة وعلى الأمل بوطن جديد، وعينه على زحلة الأكثر جمالا وسلاما وحبا، وهو بعلمه وهدوئه وشخصيته التي أنضجها الخطف قبل آوانها ليستفيد الكثير من دروس الحياة ، ميشال اليوم يمثل مستقبل زحلة الواعد، وطموحاته التي لا تحد. وخاطفو ميشال إيلي مخول في قبضة العدالة ، أما ميشال فمستقبله ايضا أمامه وهو ذاك الشاب الطموح المؤمن بالمحبة والسلام كالمدينة التي ترعرع فيها، فقد انتصر له الجيش ونجحت الضغوط بعودته سالما.
ما من شك أن فكرة الأمن الاستباقي قد تكون صعبة التنفيذ في ظل الأزمات التي تعصف بلبنان، علّها تكون مساحة نقاش جدي بين مكونات زحلة وفعالياتها ومرجعياتها والأجهزة الامنية المتمركزة فيها كي تتجنب المدينة خطف ميشال ثالث ورابع وخامس… وكي لا يخطف البلد من جديد..