كتب نقولا أبو فيصل “بين حبٍ يقتل الوحدة …وجفاءٍ يقتل الحب”!
تقول السيدة فيروز في أغنيتها”كتَبنا وما كتَبنا ويا خسارة ما كتبنا”: “عُودوا قبل ما يغمر الجفى ليالي العمر “رغم أنه كان بإمكانها أن تقول “عُودوا قبل أن ننسى مَن أنتم !!! أو عُودوا قبل أن يأخد مكانكم بالقلب شخص آخر ” لكن فيروز قالت ما قالته في أغنيتها لأنها كانت متأكدةً من أنّ لا شيء يدفع الانسان الى الماضي سوى الجفاء !وتضيف: “عودوا قبل ما الجفى يغمر ليالي العمر ، غير الأحبة القدامى على الوفى ما لكم !!”وأشارك فيروز الخوف أن نموت من الجفاء ونحن أحياء مثل الذي يموت من العطش والماء بقربه !
وإذا كانت الوحدة قاتلة ومؤلمة بنظر البعض ، لكنها تبقى في نظر البعض الآخر أجمل من حب يقتل القلوب .. لذلك ليس لنا أن نلوم هؤلاء لانهم يعون جيداً مضار الوحدة ، كما أنهم على ادراك تام أن الأمل الكاذب هو قاتل ايضاً حتى لو أتى على هيئة حب ، لذلك تبقى الوحدة هي الخيار الافضل للبعض ، لانهم باتوا غير قادرين على تحمل صدمات جديدة ، خاصة أنهم اعتادوا على ترك مسافة آمنة بينهم وبين الحب والسعادة ! وإذا كانت الحياة مدرسة ، فإن التجارب علمت هؤلاء أن الخيبات الكبرى هي التي تعقبها نجاحات عظيمة ، وفي تجربة شخصية فإنني أجد في الوحدة قرباً من الله وحباً عظيماً له ، وهذا ما جعلني أكثر صلابة في وجه الاحزان والإخفاقات فالوحدة هي شفاء عجيب للقهر ، وعدم مخالطة من لا يستحق هي سعادة بحد ذاتها !!
وإذا كان الحب المتبادل هو عطاء وبذل وتضحية ، فأن التواصل بين الناس يثقف العقول وينمي روح التعاون والانسانية ، وهذا ما تساهم به الاندية والجمعيات والمؤسسات الاجتماعية ، في المقابل فأن البعد هو جفاء يقتل الوفاء ، ولا يكتفي الجفاف العاطفي بقتل الحب ، بل أنه مع الوقت يقتل الحنين ويقسي القلوب ! ويبقى السؤال : هل البعيد عن العين بعيد عن القلب؟ والاجابة بالطبع لا ، فمن يحب لا يكره ولا يحقد وهذه وجهة نظري ، وعليه تبقى العلاقة بين الحب والوقت علاقة أبدية فالحب يقتل الوقت والوقت يقتل الحب ، وهنا يصدق القائل : “ثم ماتت لما جفاها الساقي فلا هي اشتكت ولا هو حن…”
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب؟” جزء 5