النائب غسان سكاف لـ «الأنباء الكويتية»: المبادرة الفرنسية تحولت إلى مادة لإذكاء الصراع
رأى النائب الدكتور .غسان سكاف، أن مبادرته لإنهاء الشغور الرئاسي بمعزل عن الوساطات الخارجية، لم تفشل، لا بل أنتجت جلسة 14 يونيو التي شكلت التوازن السلبي في المعركة الرئاسة بين فريقي المعارضة والممانعة، بحيث نال مرشح المعارضة جهاد أزعور 59 صوتا مقابل 51 لمرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجية، وبرهنت على انه ليس بمقدور أي من الفريقين فرض الرئيس الذي يريده على الفريق الآخر، علما ان عودة المبعوث الفرنسي الخاص جان ايف لودريان ما بعد جلسة 14 يونيو الى ميدان المعركة الرئاسية، أعطت الثنائي الشيعي فرصة لإقناع رئيس تكتل «لبنان القوي» جبران باسيل، بالعودة الى اصطفافه بجانب الممانعة ودعم انتخاب فرنجية لقاء حصوله على مكتسبات سلطوية في العهد المقبل، الأمر الذي أوحى للقاصي والداني بأن الثنائي الشيعي يلعب ما بعد جلسة 14 يونيو وبمعرفة فرنسية، لعبة تمرير الوقت من اجل الوصول الى هذه النتيجة. وعليه، لفت سكاف في حديث لـ «الأنباء»، الى أن المبادرة الفرنسية تحولت الى مادة لإذكاء الصراع الداخلي، وبالتالي الى تعثرها بالكامل إن لم نقل فرملتها بشكل نهائي، بدليل أن المقاربة التي اعتمدها لودريان اثناء لقاءاته الأخيرة مع القوى السياسية، لم تأت مطابقة لنصيحة اللقاء الخماسي الذي لوح بعصا العقوبات ضد من يعرقل انتخاب الرئيس في لبنان، ما يعني من وجهة نظر سكاف أن حظوظ المبادرة الفرنسية لاختراق جدار الأزمة الرئاسية، في أدنى مستوياتها اليوم، لا بل إن المصداقية الفرنسية أصبحت على المحك تجاه ما ورد في البيان الصادر عن اللجنة الخماسية في الدوحة.
وردا على سؤال، لفت سكاف الى أن مفاوضات باسيل مع الثنائي الشيعي ممثلا بمسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا، قد لا تصل الى الغاية منها، خصوصا أن المعلن من المطالب الباسيلية، أي الصندوق السيادي واللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، موضع خلاف حاد بين اللبنانيين، وما لم يتمكن اللبنانيون من الاتفاق عليه بعد 33 عاما على اقراره في اتفاق الطائف، لن يتمكن باسيل من الحصول عليه خلال أسابيع من مفاوضاته مع حزب الله، ناهيك عن ان الحديث عن الصندوق السيادي هرطقة كاملة الأوصاف، لان المطلوب اليوم ليس صندوقا سياديا في دولة مفلسة، انما إقرار قانون في مجلس النواب يمنع التصرف بعائدات الثروة النفطية حال وجودها واستخراجها، وذلك على غرار القانون الصادر عن مجلس النواب في العام 1986 الذي منع التصرف بمخزون الذهب.
وعودا على بدء، لفت سكاف الى أن المشكلة في الانتخابات الرئاسية، ليست بمن صوت من الكتل النيابية لفرنجية أو لأزعور، إنما تكمن لدى من نادى لأشهر بضرورة انجاز الاستحقاق الرئاسي، وعند مرور صندوقة الاقتراع يصوت اما بأوراق بيضاء، واما لأشخاص لا أمل لهم في الوصول الى بعبدا، فهؤلاء المتلونون بالرمادية الانتخابية وحتى السياسية، يتحملون الجزء الأكبر من اسقاط النصاب في جلسة 14 يونيو، وبالتالي أسباب استمرار الشغور الرئاسي، لأنه لو كانوا فعلا يريدون انتخاب رئيس للبنان، لكانوا اصطفوا مع فريق ضد فريق، وتركوا أصول اللعبة الديموقراطية تسير في طريقها الصحيح. وختم سكاف، مشيرا الى أن الاستحقاق الرئاسي أمام معضلة صلبة، ومتوقف حاليا عند ما سيعود به لودريان، ومتى سيعود، وما اذا كان سيعود اصلا؟ خصوصا ان السؤال الأبرز ما اذا كانت فرنسا تريد المماطلة وكسب الوقت للحفاظ على موقعها في المنطقة بانتظار انجلاء الصورة الخارجية لاسيما منها الانتخابات الرئاسية الأميركية، معتبرا أمام ما تقدم، انه ما يمكن قراءته بوضوح حتى الساعة، أن لبنان في ظل الشغور الرئاسي وتعطل المؤسسات، على كف عفريت بسبب الاحتقان السياسي والشعبي، والاهم بسبب الشحن الطائفي المقلق على مستوى السلم الأهلي، والذي دمغ مؤخرا الوضع الأمني ببصمات دموية مرفوضة في عين ابل والكحالة، وتبقى الخطوة الأهم في مواجهة هذا القلق، هو احتكام الجميع الى لغة العقل والضمير منعا لانزلاق البلاد الى ما لا تحمد عقباه.