نقولا أبو فيصل يكتب “بين عذابات المرأة والذكورية في المجتمع اللبناني”
هي سيدة لبنانية متزوجة التقيتها بالصدفة ، وبعد استماعي اليها بصمت تام لساعات طويلة ، سألتني مراراً خلال حديثها ما هو تعليقك على قصتي ؟ وكنت أجيبها: دعيني أسمع المزيد سيدتي وانتظري مقالتي بعد أيام ! وها أنا اكتب الآن كما وعدتكِ لأقول لكِ : إن الانتصارات في الحياة هي في الانسحاب من كل شيء مُؤذٍ بعيداً من الأشخاص غير الجديرين بالعَطاءِ والثّقة ، على أن الرّحيل بعيداً عن هؤلاء يجب أن يكون بأدب وهدوء ، وتركهم للذكريات ، وربما للوقت الذي سوف يكون وحده كافياً أن يجعلهم يعلمون ماذا خسروا ! هم سوف يجدون من يشبههم ، وأنتِ سوف تجدين نفسك، وذلك أفضل ما قد تحصلين عليه في الحياة.
وأكتب لاقول لك ايضاً : احفظي في حياتك وحولك الاشخاص الذين تكسوك كلماتهم بالأمان وتُشعرك بالعافية، الاشخاص الذين إن مالت عليك الدنيا لا يميلون ، وإن تنكّر الكل في وجهك لا يتنكّرون ، هؤلاء الذين يزرعون فيك شعورًا عظيماً بأن الحياة بخير، هؤلاء الذين إن رأوك في أسوأ حالٍ سوف يجُمّلون الدنيا في عينيك، بل سوف يخلقون ألفَ سببٍ لتكوني بخير …هؤلاء احفظيهم طالما حييتِ ، واحفظي معهم كلمات جبران خليل جبران بأن الألم الموجع يغيّر النّاس فيجعلُهم يثقُون أقلّ ويفكّرون أكثَر وينعزِلون أطوَل ، لكن اياك والعزلة !
واحفظي ايضاً كلمات وليم شكسبير الذي يقول : إنّ كلّ شخص يؤذي الناس بمقدار النقص الذي فيه ، ولا أظنك سوف تنسين طيلة حياتك تلك اللحظات التي مررت بها والتي كنت تطنين من شدة الالم أنها لن تمر، وها هي مرت، وهكذا كل مُرِّ سيَمُر ، فإنَّ مع العسر يسرًا ، لانه بين المُستحِيل وَالمُمكِن أمر الله ! الذي أسأله أن يمنحك القوة والشجاعة لمواجهة ضعفك ، واليقين لتقبل قدرك ، والرضا ليرتاح عقلك ،والفهم والقدرة على الاستيعاب ليطمئن قلبك ، فنحن في زمن لم نعد نلوم الغرباء، فالمقربون يفعلون الأسوأ احياناً ، وما يؤلم الشجرة ليس الفأس بل عصاه المصنوع من خشبها ، وفي الختام يبقى ظلم ذوي القربى أشد مرارة على النفس من وقع الحسام المهند .!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب “جزء