كتب نقولا أبو فيصل “الميزان التجاري لجمهورية ارمينيا تحت المجهر اللبناني”
من كتاب “أرمينيا موت وحياة تتجدد”
Armenia death and life renewe
نالت جمهورية أرمينيا استقلالها في العام 1991 ولا تزال البلاد في طور الانتقال إلى مرحلة التعافي الاقتصادي رغم أن أقتصادها قد شهد نمواً سريعاً وانخفاضاً في معدلات الفقر في حقبة ما بعد الاستقلال ،لكنها وبالرغم من ذلك فأنها لا تزال تتعرض لمخاطر عديدة، إذ يواجه 28 ٪ من الأسر الارمينية خطر انعدام الأمن الغذائي في حال التعرض للتغيرات المناخية ، اي ما يقارب المليون نسمة من الأرمن الذين يعيشون في الارياف يعانون من فقر مدقع ، ويعاني 9 ٪ من الأطفال دون سن الخامسة من التقزم بسبب سوء التغذية المزمن ، كما يعاني ما يقرب 13.6 ٪ من زيادة في الوزن بسبب انعدام فرص العمل في الارياف ، على أن صادرات ارمينيا لا تتجاوز 2.6 مليار وتقتصر صادراتها على النحاس والحديد الخام والذهب والماس والمنتجات المعدنية والغذائية والسجائر ،ووجهتها هي دول الاتحاد الاوروبي وروسيا وسويسرا وغيرها فيما فاقت فاتورة الاستيراد 4.963 مليار دولار من الغاز الطبيعي والنفط ومنتجات التبغ والمواد الغذائية والأدوية والسيارات وفي التفصيل وجدت أن 65% من وارداتها تأتي من روسيا ودول الاتحاد الاوروبي والصين.
وكما بات معلوماً تساهم الزراعة بنسبة 18 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي وتستخدم 35 ٪ من القوة العاملة ، ويقوم القطاع بغالبيته على الحيازات الصغيرة البالغ عددها حوالي 360 الف حيازة زراعية تعمل على مساحة 513 الف هكتار مما يعني 1.5 هكتار لكل حيازة زراعية ،ولا تكلف نفسها الحكومات المتعاقبة على إيلاء القطاع الزراعي الاهتمام اللازم ، والعمل لإضفاء الطابع التجاري عن طريق استخدام التكنولوجيا الحديثة وتحقيق الأمن الغذائي للسكان وزيادة الصادرات الزراعية وتحسين إنتاجية العمال ، وعلى ما هو واضح فأن اتجاه الحكومة الاخيرة من خلال برنامجها المعلن في حزيران 2018 هو للتركيز على تعزيز الأعمال الزراعية وزيادة مساحات الأراضي الصالحة للزراعة والوصول إلى التكنولوجيا والابتكارات ، وتنويع فرص السوق .ويكمن التحدي الكبير لها في التحول من قطاع زراعي مفتت وقائم على الكفاف، إلى قطاع قادر على المنافسة وموجه نحو التصدير بعد تلبية الاحتياجات الاجتماعية المطلوبة للحد من الفقر وتحقيق الأمن الغذائي ومعالجة البطالة.
ومن المفترض أن تتمثل رؤية الحكومات الارمينية في العمل على تنمية الاقتصاد الريفي وخلق مجتمع زراعي قروي مزدهر تشارك فيه الأسر الريفية عبر المشاريع الزراعية التجارية الصغيرة في بيئة صالحة ، وقد بدا واضحاً التحسن الكبير في البنى التحية والطرقات الرئيسية في كثير من المناطق الريفية وخاصة محافظة تافوش الحدودية مع جورجيا وأذربيجان، وقد قطعت ارمينيا أشواطاً كبيرة في تحسين متوسط الدخل الفردي لديها لكنها لا تزال بحاجة لتحسين معيشة ثلث سكانها الذين يعيشون في الارياف من خلال جعلهم قادرين على الصمود؛ وخلق بيئة مُعزّزة تُمكّنهم من تحقيق التنمية الريفية وتكوين شراكات بين قطاع الصناعات الغذائية والمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة تحقق منفعة متبادلة لهما ، وربط المزارعين في عقود توريد سنوية والحد من تعرضهم للمخاطر الاقتصادية , السوقية والمناخية، وحسناً فعلت الحكومة الارمينية بإقرارها قانون التأمين الزراعي لحماية صغار المزارعين في الارياف.
بحث نقولا ابو فيصل