كتب نقولا أبو فيصل “بين الامل بإنتهاء السنوات العجاف ونتائجها الكارثية”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا اكتب“ جزء 5
يبدو أنّ السنوات السبع العجاف من العام 2016 حتى العام 2023 هي على وشك الانتهاء، كما أن بوادر الخروج من النفق المظلم بدأت تلوح في الأفق، وعسى ان ينتهي معها عصر الانحطاط في لبنان على جميع المستويات ، والى سبع سنين سمان دُر ! وعبر التاريخ شهد شعب لبنان العظيم سنواتٍ عجافاً لمرات عديدة، بدأت في العام 1916 حيث حدثت مجاعة كبرى وانتشر الجراد ، وفي العام 1956 حصل زلزال مدمر ، وفي العام 1958 اندلعت ثورة على العهد ، وفي العام 1975 وقعت الحرب اللبنانية ، ومن العام 2016 الى العام 2019 دمار اقتصادي شامل على أيدي رجال دولة كانوا ككهنة آمون يأخذون الخيرات ويدّعون أن بمقدرتهم مواجهة السنوات العجاف في حين أدى فسادهم الى تدمير الاقتصاد وإفقار الشعب. وفيما البنك المركزي اللبناني لم يُقرض الدولة سوى خمسة مليارات دولار قام حزب المصارف اللبنانية بالسطو على 120 مليار دولار من أموال المودعين متذرعاً بأن اموالهم هي بذمة الدولة المنهوبة ، ودخل لبنان العام الرابع من أزمة اقتصادية خانقة دفعت أكثر من 80% من السكان إلى الفقر، وكان لها التأثير المدمر على التعليم والأمن والصحة.
وفيما أجرى “التجمّع الأكاديمي لأساتذة الجامعة اللبنانية دراسة تحليليّة دقيقة لمختلف المؤشرات الإحصائية والإقتصادية والمالية والنقدية، والتي أظهرت حجم الهدر والخسائر المالية في لبنان بقيمة 413.2 مليار دولار ،ومع الإشارة الى تمكن الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي من الوصول إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن برنامج تمويل الدولة اللبنانية بقرض مالي قيمته ثلاثة مليارات دولار أمريكي على مدى 46 شهرا، مشروطاً بإصلاحات قد تم عرقلته من السلطة السياسية اللبنانية . وصولاً الى جريمة تفجير مرفأ بيروت في 4 آب 2020. الذي دمر مئات المباني وألحق أضراراً جسيمة بالممتلكات، ومع ذلك لم يُحاسَب أحد، وفي حين تشير “هيومن رايتس ووتش” الى امتلاكها مئات الوثائق الرسمية التي تؤكد أنّ بعض المسؤولين في الدولة كانوا على دراية بالكارثة القاتلة التي يمكن أن تتسبب بها نيترات الأمونيوم في المرفأ وقبلوا بها، واستمرت السلطة السياسية في عرقلة التحقيق بعد الانفجار وتأخيره وبرزت بوضوح عدم استقلالية القضاء اللبناني وقابليته للتدخل السياسي.
ووفقاً للبنك الدولي ايضاً صنفت الأزمة اللبنانية ضمن “أكثر الأزمات حدة على مستوى العالم منذ منتصف القرن 19″، وهي نتاج ثلاثة عقود من السياسة المالية والنقدية المتهورة، حيث فقدت العملة أكثر من 95% من قيمتها فضلاً عن نقص حاد في الوقود، إلى زيادة في أسعار المواد الغذائية بشكل هائل بنسبة 483% في كانون الثاني 2022 مقارنة بالعام السابق مع نفاد احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ورفع الدعم عن استيراد معظم السلع الاساسية ، كما ارتفعت أسعار الكهرباء والمحروقات بنسبة 595% بين حزيران العام 2021 وحزيران العام 2022.
ولأن البشر لا يختارون أقدارهم ، فكان قدرنا في لبنان ان نعيش سبع سنوات عجافاً نتيجة استعصاء الإصلاح الاداري والمالي، ولا سيما في القطاع العام ، لكن من ينظر الى مستقبل لبنان يجد أن صراعه مع قَدره أصبح من التاريخ ، وإن لبنان سينتصر على قدره بعظمته وبأيدي حكام نظيفي الكف يعرفون الله ، والى سبع سنوات خير دُر، وسوف يسجّل تاريخ لبنان أنه في السنوات العجاف كنا محكومين من تجار دين وأخلاق ولصوص حماهم بعض رجال الدين المنتفعين تحت مسمى عدم المساس بحقوق طائفتهم، وراح ضحيتهم شعب ووطن ومستقبل ، ولا ادري اي السنوات سيصفها التاريخ بانها الاسوأ بتاريخ الانسانية، أهي السنوات العجاف في زمن الفرعون المصري التي عاشها شعب مصر، أم السنوات العجاف التي عاشها شعب لبنان في زمن الفرعون اللبناني؟ وكأن رؤيا ملك مصر بالسنوات العجاف السبع كانت للبنان ، وبما انه من بعد هذه السنوات كتب لمصر الرخاء والازدهار على يد يوسف النبي، فأمنياتي وأمنيات شعب لبنان كله ان يكتب للبنان من بعد هذه السنوات العجاف الرخاء والإزدهار على يد يوسف القائد!
نقولا ابو فيصل
