كتب نقولا أبو فيصل “بين السخاء والجود والتبذير طارت المبادئ”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 5
تعلمت من العيش في لبنان أن أكون معتدلاً في كل شيئ ، فالجود هو الحد الفاصل بين البخل والتبذير ، والتواضع هو الحد بين الذل والكبر ، والحياء هو الحد بين الوقاحة والعجز ، والشجاعة هي الحد بين الجبن والتهور ، والرحمة هي الحد بين القسـوة والضعف..! واذا كان السخاء هو إعطاء القليل مع الاحتفاظ بالكثير ،فأن الجود هو إعطاء الكثير مع الاحتفاظ بالقليل ، وفي الاخير يأتي التبذير وهو إعطاء كل شيئ من غير إبقاء شيء بالرغم من حاجته إليه ، وفي الحياة ليس كل من يواسيك خالياً من الجراح ، ولا كل من يعطيك يملك أكثر منك، إنما هو السخاء والجود اللذان يبلغان منتهاهما عندما يلامسان الجوانب الإنسانية في النفس البشرية كأن يشاطرك أحدهم زاده من الصبر، ويهبك ما تبقى في قلبه من أمل .
والمبالغة في السخاء اذا زاد يصبح تبذيراً ، وكلما زادت الكماليات والمجاملات وحب التظاهر ضاع الحد بين السخاء والتبذير , وهكذا نشاهد كيف طارت المبادئ في زمن المصالح وصار الاحترام والنزاهة والصدق والحلال والحرام اشياء لا يعرفها العديد من رجال السياسة والاعلام في لبنان وخاصة الطبالون على شاشات التلفزة ! وحسب قناعتي الشخصية فأن الغاء خدمة العلم في لبنان كان سبباً أساسياً لتربية اجيال بلا وطنية وبلا ولاء للوطن لأنه عندما طارت الوطنية والمواطنة من قلوب وعقول شبابنا اللبناني طارت معها الكثير من المبادئ والقيم ، وحين سقطت المبادئ والقيم والوطنية سقط معها الوطن وحلت المصائب وتحولت الدار الى خراب والقصة “مش لعبة وصار بدها وعي !”
والكرم من وجهة نظري هو سلوك يظهر بمقدار ما تقضي به حاجة الانسان الأخر ، فربما ابتسامة صادقة تزيل هم شخص افضل من أن تقدم له مائدة طعام بما لذ وطاب ، وعليه فأن التماس احتياجات الأخرين والسعي لقضائها عندي هو الكرم الحقيقي ، وكم من الولائم حضرتها لم تكن تمت للكرم ! بل اوجه متجهمة واسراف ونفاق ، وحبذا لو يتم اكرام الضيف بما تجود به نفس صاحب الدعوة دون تكلف ودون أن يُحمل نفسه ما ليس بإستطاعته وهذه عادة حسنة، ومن وجهة نظري أيضاً فالكرم هو طبع وليس تطبُّع وشتّان ما بينهما . والكَرم صفة لا تكون محصُورة بإستعراض الموائد وغيرها ، ومن يعتقد العكس فهذه وجهة نظر تخُصّه شخصيّاً ، فالكريم من يُكرِم بلا تبذير ويُعطي بلا تصوير ، هذا هو الكرم !
نقولا أبو فيصل