كتب نقولا أبو فيصل “بين تحسين الشخصيّة وإثباتها وقّف تقلّك عالزحلاوي”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 5
في حياتي المهنية اكتشفت صنفين من الأشخاص الذين عملوا معي أو تعاملت معهم أو التقيت بهم ، على أن الصنف الاول من هؤلاء لا تزال جذورهم في الماضي ولا يزالون يفضلون العمل حسب طريقتهم القديمة المعروفة والآمنة والتي يمكن التنبؤ بنتائجها من وجهة نظرهم ! لكن ، عندما يدخل سوق العمل معهم جيّلٌ جديدٌ ، فإنهم لا يجّيدون التعامل معه ! بل يقاومون أفكاره الجديدة ويصبحون أكثر اهتماماً مع ابناء جيلهم “الستيني” بإثبات أنهم أذكياء ، أكفاء وناجحون”ويا أرض اشتدّي ما حدا قّدي”. أما الصنف الثاني من الأشخاص فإنهم على إستعداد للإبتعاد عن الطرق التقليدية المألوفة بل مستعدون للمغامرة في تبني وقبول خطط تطوير اعمال جديدة يجهلونها ، والجميل انهم لا يرون المجهول كشيء يشعرهم بالتهديد، بل يرون الخطط غير المألوفة بالنسبة لهم فرصاً للتعلم منها وتطوير أعمالهم بطرق جديدة، ووجدت هؤلاء أقل اهتماماً بإثبات شخصيتهم وأكثر ميولاً إلى تحسينها.
شخصياً كنتُ من الصنف الأول وتحولت الى الصنف الثاني ، وأتذكر مع كثيرين من القراء بداياتي المتواضعة في العمل في العام 1990 عندما قررت ترك مهنة المتاعب “الناكرة للجميّل” وتعرضت وقتها لانتقادات واسعة من قبل زملائي في العمل ومن قبل افراد عائلتي أيضاً ، وبدأت العمل في مكان لا تتجاوز مساحته المائة متر مربع وبرأسمال شبه معدوم ، لكن بعزيمة تهد الجبال ، ورغبة بسماع ما يناسبني من نصائح ممن حولي وخاصة سيدات زحلة اللواتي لا “يعجبنهن العجب” وكنت اسعى لنيل ثقتهن من خلال جودة المنتج ، ليتضح لي لاحقاً ان المنتج الذي ينجح في زحلة يكون ذلك جواز سفر له الى العالمية، وعرفت من ذلك الوقت ولا ازال أقر بذلك في المحافل العالمية أنني محظوظ بأهل مدينتي , وأن كل ما تحقق يعود لهم الفضل الكبير في انجازه ، وبين إثبات الشخصية أو تحسينها يمكنني البوح الآن أن إثبات الشخصية يكون بالعمل المتواصل الذي يترافق مع شهية مستمرة للتعلم والتطوير والتحسين لتحقيق الكمال في الاعمال.
وهكذا أكتشفت أنه في الوقت الذي يصبح فيها الصناعي او رجل الاعمال مهووساً بإثبات شخصيته وليس في تحسينها تتراجع انتاجيته وفعاليته في العمل ،ولتجنب ذلك يمكنه إعتماد استراتيجيات جديدة تمّكنه من تحسين ادائه بشكل فعال ، على أن إحاطة نقسه بكادر موثوق به من الأشخاص الذين يخبرونه الأمور كما هي اذا رغب في تنمية اعماله ، وهؤلاء الأشخاص سوف يكون بمستطاعهم اخباره في اي وقت ما يجب عليه سماعه وليس ما يرغب سماعه! كذلك من مهمة هذا الكادر الموثوق به والمختار بعناية أن يرشده الى أفكار جديدة أو أحلام مستحيلة ولا شيء عند الله مستحيل؟ ورغم أن العمل مع فريق يضج بالحيوية يصبح شاقاً ويتطلب المكوث لساعات طويلة في العمل ، لكن باستطاعته تحقيق نتائج جديرة بمواكبة التطور السريع في اسواق العمل ؛ على أن عدم اضاعة الشخص وقته في محاولة إثبات شخصيته يجعلني على يقين انه شخص ذكي وموهوب وناجح !! ورغم أن كتاباتي اليومية لا تجذب الأشخاص الفاشلين في الحياة ، لكن نصيحتي لك ايها القارئ الكريم أدر ظهرك للماضي وخذ طريقتي في العمل وافعل ذلك بتصميم وسوف تلاحظ التغيير الملموس في حياتك المهنية وحياة من حولك .
نقولا ابو فيصل