كتب نقولا أبو فيصل “بين القدرة والمقدرة وحسن إدارة الامور”!

من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6

إن قدرة الانسان على تحقيق إنجازات في الحياة قد تكون حسب قابليته واستعداده لفعلها مهما كان العمل شاقاً او مستحيلاً . أما المقدرة فهي عدم تحمل الشخص اكثر من طاقته المعتادة، فبعض الاشخاص لا يستطيعون العمل لساعات طويلة وعليهم التوقف بعد عمل ساعات قليلة والا تنهار قدراتهم على التحمل ، وفي الغالب يهربون من تحمل مسؤولياتهم . وهناك الآلاف من العائلات اللبنانية التي تفككت بسبب عدم المقدرة لدى أرباب البيوت على الإيفاء بإلتزاماتهم تجاه ابنائهم، وكثيرون منهم هاجروا ورحلوا تاركين ابناءهم لمجتمع لا يرحم ، وتركوا نساءهم يعانين الُمّر في تربية اولادهن، وبيوتاً كثيرة تهدمت ومجتمعات كثيرة أوشكت على الانهيار.

وفي الحياة لا يوجـد إنسان ضعيفٌ، ولكن يوجد إنسان يجهل ما في نفسه من مواطن القدرة ، لكنه في علاقته مع الله يختلف الأمر ويظل الانسان مخلوقاً عاجزاً وإن أظهر القدرة، ضعيفاً وإن أدعى القوة ، ناقصاً وإن سعى للكمال، يسقط في أول مرض يصيبه، يصاب بالهلع عند مرض أحبابه، يضجر في انتظار ما يريده، ييأس عند تأخر إستجابة الله لطلباته، وهناك مواقف كثيرة تظهر عجز الإنسان في نفسه وحاجته الدائمة إلى هذا الخالق العظيم لذا يجب أن يعيش حياته ممتنًا لنفسه دائمًا على صموده، وفخورًا بكل انجازاته وكل جهد بذله في مسيرته والله سوف يعوضه جزاء صبره .

الى ذلك، فإن تحلي الانسان بالهدوء وعدم مواجهة الشر بالشر لا يعنيان عدم قدرته على فعل ذلك بسبب ضعف شخصيته ، بل على العكس فذلك يدل على القوة والوعي ، وعلى القدرة على عدم التهور عند تعايشه مع الحاقدين والحاسدين الذين يجب ان تكون مواجهتهم صامتة لان المجاهرة في وجه ضعيفي القدرة والمقدرة هو غباء ! وهذا يتوافق مع ما قاله لي صديقي المصري يوماً “أنا بعمل نفسي نسيت علشان الدنيا تمشي والأيام تعدّي، بس أنا مش بنسى حاجه أذتني في يوم” وفي الحقيقة فأن الإنسان لا يمكنه أن ينسى الاذى لكنَّه يحاول أن يتناسى حتى يكمل مشوار عمره ، وتبقى القوة عند الانسان حسب رأيي هي في حسن إدارة أموره ، وعدم الانجرار لنزوات أشخاص انحطت اخلاقهم إلى أدنى مستويات وباتوا يرون في الشخص الناجح إحباطاً لهم ، كونهم أشخاصاً فاشلين
@highlight
نقولا أبو فيصل