اللبنانيّون يتفوّقون… في هدر الغذاء
إنّه بلد الهدر بامتياز. دولة أهدرت مليارات الدّولارات من الخزينة والمُساعدات وأموال المودعين، ومواطنون يهدرون أيّامهم في بلدٍ باتت فيه كلمة “تعويض” أشبهُ بحلمٍ بعيد المنال. على ضفّة الهدر الثالثة، يهدرُ اللبنانيّون سنويّاً أكثر من ثلث طعامهم ويتركّز هذا الهدر خلال الأعياد والمناسبات بشكلٍ خاصّ.
يشرحُ الأستاذ والباحث في سلامة الغذاء في الجامعة اللبنانية الأميركيّة د. حسين حسن، في مقابلة مع موقع mtv، أنّ “الأضرار المُترتّبة عن هدر الغذاء تتشعّب، فأولا، هناك الضّرر البيئي، وقد أثبتت الدراسات أنّ ظاهرة هدر الطّعام لو كانت بلداً، لحلّت ثالثة في لائحة البلدان المسبّبة لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بعد الولايات المتّحدة والصّين، وثانياً، هناك الخطر على الأمن الغذائي، فكميّة الغذاء المهدورة في العالم تُقارب ربع أو ثلث الغذاء المُنتج، وهذه الكميّة يُمكن أن يستفيد منها 3 مليارات شخص، لذا، فإن تمّت مُعالجة مسألة هدر الأكل، فذلك يعني حُكماً إيجاد حلٍّ للمجاعة في العالم، أما من النّاحية الثالثة، فالمخاطر الاقتصاديّة كبيرة عبر هدر كلفة المنتجات بالإضافة الى عناء زراعتها وصناعتها وتحضيرها”.
ماذا عن لبنان؟ يُجيب حسن: “من ناحية الدّولة، هناك قانون أقرّ لمنع هدر الغذاء يُقدّم حوافز مالية للمتاجر الكبرى التي تتعامل مع مؤسّسات خيرية للتخلّص من المنتجات قبل أن تُتلف، ولكن للأسف هذا القانون لم يُفعّل، ويجب العمل على تطبيقه لأنّه من الأولويّات، ومن ناحية أخرى يجب القيام بدراسات لمعرفة تفاصيل عن كميّات هدر الغذاء، والأصناف التي تُهدر، والمناطق التي يتركّز فيها الهدر، وذلك لتدارك حصوله ومعرفة كيفيّة الاستفادة من الكميّات الغذائيّة التي سيكون مصيرها الهدر، أما المسؤوليّة الأساسيّة فتقع على الأفراد، لأنّ مختلف التقارير تشدّد على التوعية في هذا المجال”.
ومن الخبير في سلامة الغذاء سلسلة نصائح مُفيدة للمواطنين: “يجب مراجعة تاريخ انتهاء الصلاحيّة على مُختلف أصناف الطعام، والبدء باستهلاك كلّ منتج تُشارف صلاحيته على الانتهاء، بالإضافة الى وضع لائحة بالمشتريات قبل الذهاب الى المتجر لضمان عدم شراء مُنتجات لسنا بحاجة لها ولن نستهلكها، كما أظهرت الدراسات أنّ كلّ من يقصد السوبرماركت وهو في حالة صومٍ أم جوعٍ فإنه سيشتري منتجات أكثر من حاجته، وهذه نقطة أساسيّة، فضلاً عن ضرورة معرفة وصفات كلّ الأطباق جيداً لعدم شراء منتجات لن نحتاجها لتحضير طبق مُعيّن”، ومن أهم النصائح التي يجب اتباعها “التفكير بأشخاص من حولنا يُمكن أن يستفيدوا من الطعام الزائد لدينا خصوصاً في شهر رمضان المبارك أو حتى في المُناسبات والاعياد، وعدم رمي خضار وفاكهة فقط لأنّ شكلها لم يعُد طازجاً”، كما يقول حسن.
القضاء على الهدر يبدأ في كلّ منزل وعلى كلّ طاولة طعام. ومعادلةُ التفكير بالأشخاص الجائعين في كلّ مناسبة يكثُر فيها الطعام قد تكون النّصيحة الأكثر فعاليّة، لأن المجاعة ليست في القارة الإفريقيّة فقط، الفقراء والجائعون كثرٌ حولنا. فلنهدُر أقلّ ولنُساعد أكثر!