كتب نقولا أبو فيصل “بين شخص محبوب وشخص مكروه …واللامبالاة”!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
بعد النكبات الاقتصادية التي حلت بلبنان وتسببت بالانهيار الكبير ، بات من الواحب علينا قبول التعامل في حياتنا اليومية مع أشخاص بعضهم محبوب وبعضهم مكروه . مع ما يترك التعامل مع هؤلاء من تأثيرات مختلفة على حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية والنفسية ، بعضها إيجابي والبعض الاخر سلبي بإمتياز .وفي تعريف للشخص المحبوب فهو الشخص الذي يتمتع بصفات إيجابية تشمل الكرم، الصدق، اللطف، والتعاطف وتجعله محل تقدير واحترام من الجميع. والشخص المحبوب غالبًا ما يكون مصدر دعم وسعادة للآخرين، ويجذب حوله الأصدقاء ،وينشر الطاقة الإيجابية والتفاؤل في محيطه، مما يجعل الآخرين يشعرون بالراحة والسعادة عند التواجد معه. ويتعامل مع الآخرين بتواضع واحترام وعدم تعالي أو تباهي بما يملك أو بما حققه ، ويمتلك القدرة على التكيف مع المواقف المختلفة والتعامل مع التحديات بروح مرنة ومنفتحة. وامتلاك القدرة على إدخال البهجة إلى قلوب الآخرين بطرق لطيفة وغير جارحة ، ويتعدى تأثيره على الاشخاص ليصل إلى المؤسسات المهنية والاجتماعية ، حيث يمكن أن يلعب دورًا مهماً في بناء بيئة عمل إيجابية ومثمرة.
ويعود سبب حب الناس لشخص ما في الحياة لتعاطفه معهم وقدرته على فهم مشاعرهم والتفاعل معهم بإيجابية ، كذلك بسبب صدقه وأمانته وتصرفه بشفافية وتقديم المساعدة والدعم لهم عند الحاجة بدون تردد، مما يبني الثقة المتبادلة بينهم. وعلى العكس فأن الشخص المكروه هو ربما شخص طيب لكن تصرفه بسلبية يجعله مصدر نفور ويبتعد عنه الجميع ، وقد تشمل تصرفاته هذه النقد اللاذع والعدائية غير المبررة تجاه الاخرين ، وخاصة من هم دونه في العمل أو في الحياة ، على أن تأثيرات تصرفات الشخص المكروه على من حوله تكون عادة مدمرة للعلاقة المهنية، حيث يؤدي ذلك إلى نشوء توترات وصراعات تؤثر سلبًا على الانتاجية في العمل .ولا بد من الاشارة الى أن تحول اي شخص في الحياة الى شخص مكروه يكون نتيجة أنانيته غير المقصودة ، ووضع مصلحته الشخصية دوماً فوق مصالح الآخرين والسلوك العدائي تجاههم وإنعدام الثقة بالغير ، والمبالغة في التدقيق في كل تفصيل بطريقة تستفز الاخرين وتجعلهم في موضع إتهام ، وصولاً الى التشكيك بأمانتهم.
وعلى الرغم من التأثير السلبي للأشخاص المكروهين من اصحاب السلوك العدائي، فأنه من السهل التعامل معهم بأسلوب اللامبالاة . وهذا النهج قد يكون وسيلة فعالة لحماية النفس من التأثيرات السلبية وتجنب الدخول في صراعات غير ضرورية. واللامبالاة لا تعني بالضرورة عدم الاكتراث بمشاعر الآخرين، بل هي أسلوب لإدارة التوتر والحد من التأثر بتصرفات الأشخاص السلبيين. ومن فوائد اللامبالاة تجاه الشخص المكروه أيضاً الحفاظ على السلام الداخلي والطاقة الايجابية ، وتجنب التورط في نزاعات تضر بالنفسية في العمل وتساعد في توفير الجهد والتركيز على الأمور الأكثر أهمية والمثمرة. ولان المكروهين هم جزء لا يتجزأ من الحياة ، فقد يكون من الحكمة التعامل معهم بقدر من اللامبالاة للحفاظ على التوازن النفسي والاجتماعي. والمفتاح هو بالتعرف على تأثير هؤلاء على حياتنا واختيار الأسلوب المناسب للتفاعل معهم.
نقولا أبو فيصل ✍️