كتب نقولا أبو فيصل “بين شقائق النعمان ودماء الشهداء” !
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
سميت شقائق النعمان (مفردها شقيقة) بالجمع لأنه لا توجد زهرة وحدها، بل تنتشر في جماعة، ويكون تكاثرها عن طريق البذور وتستعمل للزينة وفي أغراض علاجية كثيرة، وهي مهدئة للأعصاب ومسكنة للآلام، وعلاج الأرق والسعال والربو وتقوية البصر وإطالة الشعر وغير ذلك من المنافع. ونبتة شقائق النعمان لها مكانتها التاريخية في لبنان وسوريا وفلسطين حيث يعدونها زهرتهم المفضلة وترمز لشهدائهم؛ ويفوق تصديرها 60 مليون زهرة سنوياً . ومع زهور النعمان تغدو الآمال ملونة بالحب والجمال لكن السؤال هل هذا العالم يؤمن حقًا بالحب بينما الدماء هي التي أنبتت شقائق النعمان في الأرض؟
كما ترتبط زهرة شقائق النعمان ارتباطاً وثيقاً؛ بأسطورة أدونيس (تموز في البابلية) وعشتار عند البابليين، وأفروديت عند اليونان وفينوس عند الرومان لأنها نبتت من دمهم وأخذت لونها منه، وتحكي الأسطورة قصة أدونيس وعشتار التي أخذت تسدي النصائح لادونيس بألا يأمن الحيوانات التي تعترضه، وخصوصاً التي زودتها الطبيعة بقوة خارقة، لكن شجاعة أدونيس ما كانت لتوقفها تحذيرات حبيبته؛ إذ رأى خنزيراً برياً فطعنه برمحه، لكنه نزع الرمح الدامي، وركض خلف أدونيس الذي فر مذعوراً باحثاً عن ملجأ إلى أن ظفر به الخنزير، فعضه في فخذه عضة دوّت معها صيحات أدونيس في الأجواء، فوصلت أنّاته إلى عشتار التي عادت إليه مسرعة، ثم رأته مضرجاً بدمائه، وراحت تلوم الأقدار، قائلة: سوف يبقى أدونيس ذكرى حزن بالغ للأبد.
ويعود أصل كلمة النعمان هي “النحمان” وتعني القائم من الموت، والإبدال من الحاء إلى العين شائع في اللغة العربية، وفي السريانية “نحم” بمعنى بُعث حياً. ولشقائق النعمان مدلولات كثيرة ورموز غنية تغنى بها الرواة في قصصهم وأنشدها الشعراء في أشعارهم؛ إذ تعد متجذرة في التراث العربي وقصصه الشعبية، ورؤيتها في المنام تحمل معاني مختلفة بحسب الطريقة التي تُشاهد فيها؛ فتعني المشقة إذا كانت مقطوعة ومنثورة على الأرض، وإن كانت على ساقها فهي خير ومنفعة. وترمز إلى الشوق وطول الانتظار ، وتعتبر زهرة شقائق النعمان في لبنان رمزًا للنقاء والبراءة والسلام ، وتتميز بجمالها الرقيق وأناقتها وتُستخدم في العديد من المناسبات كرمزٍ للحب والتقدير.
نقولا ابو فيصل