بين ثقافة الحقد والكراهية وثقافة المحبة والغفران .
نقولا ابو فيصل*
طلبت ادارة احدى المعاهد التربوية في بيروت من طلابها إحضار رؤوس بطاطا مقشرة داخل أكياس بلاستيكية تلصق عليها صور وأسماء اشخاص يكرهونهم !
وفي اليوم المحدد أحضر كل طالب كيسه وفي داخله رؤوس البطاطا بعد ان تم رسم وكتابة عليها صور وأسماء الأشخاص الاكثر كراهية من قبله ، والمفاجأة الكبيرة ان معظم رؤوس البطاطا كانت تحمل صورا لرجال دين ورجال سياسة من لبنان والملفت ايضا أن بعض هؤلاء قد حصل على اكثر من رأس بطاطا وصولا الى خمسة رؤوس للشخص الواحد .
عندئذ أخبرتهم الادارة بشروط اللعبة وهي أن يحمل كل طالب كيس البطاطا معه أينما يذهب لمدة أسبوع كامل ، ومع مرور الأيام أحس الطلاب برائحة كريهة تخرج من الاكياس ولكن شروط اللعبة ان يتحمل الطالب الرائحة وثقل الكيس أيضا ،وبعد مرور الأسبوع الاسوأ في حياتهم ربما ! فرح الطلاب بأنتهاء اللعبة !! وعندما سألتهم الادارة عن شعورهم وإحساسهم أثناء حمل الاكياس لمدة أسبوع كامل بدء الطلاب يشكون الإحباط والمصاعب التي واجهتهم والرائحة النتنة التي رافقتهم أينما ذهبوا !
ثم نادى المدير الطلاب المشاركين في اللعبة وأخذ يشرح لهم المغزى من هذه التجربة قائلا:”هذا الوضع هو بالضبط ما تحملونه من كراهية لشخص ما ! فالكراهية تلوث قلوبكم وتجعلكم تحملونها معكم أينما ذهبتم ، فإذا لم تستطيعوا تحمل رائحة البطاطا لمدة أسبوع ، فهل تتخيلون ما تحمله قلوبكم من كراهية طول العمر ” أضاف المدير قائلا :
“الحقد يقتل صاحبه ، عيشوا حياتكم بالحب والتسامح واجتهدوا لتكونوا رجال هذا الوطن مستقبلا وأنتظروا حساب الله لهؤلاء الاشرار والفاسدين ، مرددا كلام الرب في الكتاب المقدس :
“وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ ، بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ “
(انجيل متى 5: 44)
*كاتب ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع ورئيس مجلس ادارة غاردينيا غران دور الاقتصادية