الحزن السعيد والفرح الحزين بقلم نقولا أبو فيصل

بالأمس، استضاف القصر البلدي في زحلة مشكوراً حفل توقيع كتابي“نجاحات وابتكارات حول العالم” برعاية مجلس قضاء زحلة الثقافي . وهذا الكتاب يُهدى عربون وفاء عن روح من نحب، وأعني والدتي نللي نبهان . جرى الاحتفال على مدى تسعين دقيقة وخلال كلمات المتحدثين تسلّلت المشاعر إلى قلبي كأنها ضوء وظل يسيران معاً . وفي حين ابتسم الحزن رغم وجعه، اختنق الفرح بدمعة . البارحة عشت لحظات غريبة في نقطة التقاء بين الاثنين، فلم أكتفِ بالسعادة، ولم أستطع التخلص من الحنين . وحدها أغاني فيروز بصوت المرنّمة ريتا برهوم التي أبدعت في الحفل نسجت الحكايات وأخذت الجميع معها إلى مكان معلّق بين الرجاء والخوف، بين اللقاء والفقد .

كلمات أغاني فيروز عن الحب والرحيل تحفر في أعماقنا مرارة الانتظار، ذاك الانتظار الذي لا ينتهي لأننا نؤمن رغم كل شيء أن من غاب من الأحياء سوف يعود ! لكنها تعود وتقول: “إذا رجعت بتكون راجع من الماضي”. وهذه الكلمات تختصر معضلتنا الأبدية . ماذا نفعل بمن عاد بعد أن صارت حياته جزءاً من أرشيف الذكريات؟ هل نستقبله بفرح صافٍ، أم أن حضوره سيمزج الحنين بالألم؟ الفرح يصبح حزينًا حين ندرك أن الزمن لا يعود، وأن من رحل لم يعد كما كان . وكأن الحب يحمل في طياته هذا التناقض: نفرح حين نجد من نحب ونحزن لأننا نعرف أنه قد يرحل مجدداً ، أو ربما لم يعد أبداً بل مجرد شبح من الماضي يتخبط في حاضرنا .

كثيرون في لبنان يعيشون حالة انتظار دائمة. ينتظرون شيئًا قد يأتي وقد لا يأتي أبداً. كأنهم يعيشون على أمل مؤجّل يتنفسون بين اللحظات التي تفرقهم عنه ويواسون أنفسهم بأن اللقاء ممكن حتى لو كان مستحيلًا . أغاني فيروز لم تكن مجرد صوت، بل كانت رفيقة هؤلاء الذين علقوا في منتصف الطريق بين الحزن السعيد والفرح الحزين، بين الأمل والخوف، بين الغياب… وانتظار العائدين من الماضي! وأنتم ماذا تقولون؟
نقولا أبو فيصل ✍️
Nicolas Abou Fayssal
Zahle Municipality-بلدية زحلة معلقة وتعنايل