
الخطأ ليس نهاية العالم.. بقلم نقولا ابو فيصل

فكر فيها

كبرنا ونحن نظن أن الأخطاء هي نهاية العالم، وأن الحصول على إنذار في المدرسة أثناء طفولتنا أو التأخر عن دوام العمل جريمة لا تُغتفر ! عشنا نخشى المجهول ونظرة الناس وردود فعلها في المجتمع . لكن الحقيقة ان الخطأ ليس نهاية العالم . في هذا السياق يروي صديقي كيفورك حادثة اظهرت له عظمة التواضع عند بعض افراد السلك الدبلوماسي اللبناني الذي نفتخر به، فعندما دعا يوماً سفيراً إلى الغداء ، نسي الموعد تماماً . وصل السفير إلى المطعم وانتظر لنصف ساعة وقبل أن يغادر إتصل به ليستفسر عن سبب تأخره . حينها فقط تذكّر صديقي الموعد، وطلب مني أن ابتكر عذرًا يبرر غيابه حيث ادّعيت أن لديه عملًا طارئًا يخصني ذهب لانجازه.
عندما اتصل صديقي بالسفير لتوضيح الأمر، كان الرد في غاية التهذيب والهدوء، وقال له “بسيطة ”. وانتهت القصة هنا. لم يكن هناك توبيخ، ولا حتى عتاب . وبعد هذه الحادثة أدرك صديقي أنه حتى السفير الذي يعشق النظام لم يعاتب ولم يحوّل الموقف إلى مشكلة كبيرة . ولو كان هذا الموقف مع شخص آخر، لربما أصبح حديثًا طويلًا . قلت له حينها: “ضاعت ولقيناها” وأصبحت هذه الجملة درساً لفريق عملي في أرمينيا: بأنه لا يمكننا التحكم في كل تفاصيل الحياة، وكلما حاول أحد تعظيم الامور عليهم بأمر ما، كانوا ببساطة يجيبون: “ضاعت ولقيناها”

الخوف هو ما يشلّ تفكيرنا ويجعلنا نشعر أن أي خطأ قد ينهي علاقاتنا ، لكن لو تعلمنا منذ الصغر أن الأخطاء هي جزء من الحياة، وأن العقاب ليس نهاية العالم، لكنا كبرنا بثقة أكبر . وجوابي دائماً لمن حولي: لا تخافوا من النتائج. دعوا الأمور تجري ببساطة، فحتى إذا حصلتم على ردود سيئة … ليست نهاية العالم . الخوف هو الآفة التي تأكل قلوب البشر ، الخوف من الفشل من الخطأ ومن رأي الناس . لكن الحقيقة أن الأخطاء دروس، والفشل خطوة نحو النجاح، ونظرة الناس لا تغيّر فينا شيئاً . في النهاية لا شيء يستحق أن نخاف منه… لأن الخطأ ببساطته ليس نهاية العالم
نقولا أبو فيصل ✍️ كاتب وباحث وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين