
200 ألف شهادة دكتوراه… والعالم العربي بلا تنمية! نقولا أبو فيصل


في الوقت الذي سخرت فيه دول العالم جميع الابحاث العلمي لصناعة مستقبلها، تنتقل في الوطن العربي عدوى “الألقاب العلمية” وخلال الثلاثين عامًا الماضية، تجاوز عدد رسائل الدكتوراه الصادرة عن الجامعات العربية الـ 200 ألف رسالة لكنها لم تصنع اكتفاءً ذاتيًا في الامن الغذائي ، ولم تُحدث قفزة في اقتصادية العديد من الدول العربية ، ولا حتى ساهمت في تطوير المجتمعات العربية بما يوازي هذا الجهد الضخم . ورغم ان هذه الأرقام تبدو للوهلة الأولى دليل ازدهار علمي، لكنها في الحقيقة تكشف مأساة صامتة. شهادة الدكتوراه التي يفترض أن تكون ذروة العطاء الفكري والإبداعي تحولت إلى وسيلة للوجاهة الاجتماعية .
والمعضلة ليست في كثرة الباحثين بل في غياب الغاية من البحث ذاته . فمعظم الرسائل الجامعية تحفظ في المكتبات والأدراج، مكتفية بالحبر والورق من دون أن تتحوّل إلى مشاريع إنتاجية أو حلول تطبيقية تسهم في تحسين حياة الناس . وما نراه هو انفصال مؤلم بين البحث العلمي وحاجات المجتمع ، وكأن الجامعات تعمل في كوكب والسوق الصناعي او العلمي في عالم آخر. والأدهى من ذلك أن الجامعات العربية، في كثير من الأحيان، تفتقر إلى خطط استراتيجية لربط الأبحاث بسوق العمل أو بمشروعات التنمية الوطنية. فلا دعم حقيقي للمجالات الحيوية مثل الأمن الغذائي، أو الطاقة المستدامة، أو التحول الرقمي.
كما يغيب التنسيق بين مراكز البحوث وصنّاع القرار، فتبقى عجلة التنمية تدور بلا وقود كافٍ. لذلك آن الأوان لإعادة صياغة العلاقة بين البحث العلمي والتنمية المجتمعية . والمطلوب ليس مجرد إنتاج رسائل أكاديمية، بل خلق منظومة متكاملة تشجّع الباحث على الخروج من قاعة المحاضرات إلى ميادين العمل، ومن التنظير إلى التطبيق. فلا يكفي أن نحمل لقب “دكتور”، بل يجب أن نحمل معه مسؤولية التغيير . العلم الحقيقي لا يلمع بالألقاب، بل يُثمر بالأثر.
نقولا ايو فيصل : كاتب وباحث وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين
Nicolas Abou FayssalZahle tv
تجمع الصناعيين في البقاع Association of Bekaa Industrialists
اتحاد الكتاب اللبنانيين