الراحة النفسية للموظف في مكان العمل ضرورة وليست رفاهية!

لم يعد يكفي أن تكون بيئة العمل منظمة، وأن تكون المكاتب عصرية وفاخرة فقط، بل لا بدّ من أن تكون مريحة أيضًا . فالموظف لا يحتاج إلى راتب جيد فقط، بل يحتاج إلى مساحات آمنة يشعر فيها بالتفهّم والدعم، خاصةً في ظل الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها الشباب اللبناني في ايامنا .

ومن الملاحظ، انه في كثير من الأحيان يكون الموظف مرهقًا من الحياة خارج العمل، لكنه يختار أن ينهض ويكمل يومه. وفي مثل هذه اللحظات لا يحتاج إلى من يُحاسبه على كل تأخير أو تقصير، بل إلى من يتحلّى بالمرونة تجاهه. والموظف بحاجة إلى زملاء ومديرين لا يقفون عند كل تفصيلة ، ولا يضعونه تحت ضغط دائم من خلال كلماتهم أو تصرفاتهم.

الى ذلك، فإن الدعم النفسي في بيئة العمل ليس مسؤولية اختصاصيين فقط، بل يبدأ من ثقافة المكان حين يخفق الموظف في مهمة بسبب ظروف خارجة عن إرادته ، وهنا يحتاج لمن يتفهّمه ويقول له ببساطة: “لا بأس، عادي ، انتبه اكثر ”. نعم الموظف يحتاج إلى من يرافقه في هذه الأيام بثقلها وخفتها، لا إلى من يحمّله فوق طاقته. من هنا ضرورة الاحتواء بدل التبرير ، فالبيئة السليمة هي التي تُشعر الموظف بأنه قيمة، لا مجرّد رقم أو أن وجوده محصور لانجاز مهمة محددة ! صدقوني لا يوجد موظف في الحياة يحب أن يقضي أيامه في الوظيفة في تبرير أفعاله خوفًا من سوء الفهم أو الدخول في جدال يستهلك طاقته ، بل أنه يحتاج إلى من يُقدّر ظروفه ويفهمها بكل احترام، لأن هذا وحده يصنع فارقًا كبيرًا في جودة الأداء والانتماء المهني.

كما ان الراحة النفسية للموظف في بيئة العمل ليست رفاهية، بل هي استثمار ذكي في استقرار الموظف وإنتاجيته. فالموظف المطمئن يعطي أكثر ويبدع أكثر ويستقر أطول مدة في مكان عمله . فهل نملك الشجاعة لنُعيد بناء ثقافة العمل على أسس من الرحمة والتفهّم؟ فهل يكون مقال اليوم تذكيرًا لبعض المديرين بأنهم كانوا يومًا ما موظفين عاديين، أم يكون حافزًا لهم لاعتماد سياسة جديدة في الإدارة؟ شخصياً انا اتبع سياسة واضحة تقضي بتعليم الموظف لا معاقبته ! جربوها . اللهم اني قد بلغت !!
نقولا ابو فيصل، كاتب وباحث وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين
Nicolas Abou Fayssal
Zahle tvاتحاد الكتاب اللبنانيين