نقولا أبو فيصل يكتب “من يضيئون دروبنا ومن يعكرون صفو الحياة”
في مسيرة الحياة، هناك أشخاص يضيفون إليها بريقًا لا يُطفأ. هؤلاء هم الذين يرفعونك حين تسقط، يشجعونك حين تتردد، ويمدّونك بطاقة تجعلك تؤمن أن العالم لا يزال بخير. وجودهم يشبه نبعًا صافياً يروي روحك ويملأ أيامك بضحكات صادقة، ونقاشات تُثري فكرك، وذكريات تبقى محفورة في قلبك. قد يكون هؤلاء أصدقاء نادرين، أو شريك حياة متفهّم، أو حتى زملاء عمل يلهمونك على درب النجاح . يمنحونك حياة فوق حياتك لأن حضورهم لا يشبه الحشود العابرة، بل يشبه الشموس الصغيرة التي تضيء سماء أيامك، فتجد نفسك ممتنًا لأن القدر جمعك بهم.
بين هؤلاء الذين يضيفون إلى حياتك قيمة، وهناك من يمرّون بها مرورًا خفيفًا لا يتركون أثرًا، يبقى هناك نوع آخر من الأشخاص… العالقون . هم الذين لا يمنحونك شيئًا، لكنهم يشغلون مساحات لا تُقدّر بثمن في وقتك ومشاعرك وأحيانًا في مستقبلك. قد يكونون زملاء بلا طموح يثقلون خطاك، أو معارف يملؤون يومك بتفاصيل لا تغنيك، أو حتى أشخاصًا يظهرون بمظهر الأصدقاء لكنهم في الحقيقة لا يكترثون لك إلا بقدر استفادتهم منك. هؤلاء ليسوا بالضرورة مؤذين، لكنهم يستهلكون طاقتك ببطء، مثل ظلال تتبعك دون أن تدرك حجمها إلا حين تُقرّر أن تتحرر منها.
ثم هناك أولئك الذين لا يكتفون بعدم إضافة شيء إلى حياتك، بل يعملون بوعي أو دون وعي على إفسادها. هم الذين يجعلونك تشكّ في نفسك، يقللون من أحلامك، ويبنون جدرانًا غير مرئية حول طموحاتك. قد يظهرون في صورة أصدقاء ساخرين، زملاء حاسدين، أو حتى أقارب يتقنون فن التقليل من إنجازاتك. هؤلاء لا يرضيهم نجاحك، بل يشعرون براحة غريبة حين يعرقلون تقدمك . أخطر ما فيهم أنهم لا يدمرونك بضربة واحدة، بل بفعل متكرر من الإحباط والتشكيك والسلبية. التخلص منهم ليس رفاهية، بل ضرورة للحفاظ على نقاء حياتك فالحياة جميلة… لكنها تصبح أجمل حين تختار من يستحق أن يكون جزءًا منها.
نقولا ابو فيصل كاتب وباحث وعضو اتحاد الكتاب اللبنانيين
Nicolas Abou Fayssal
اتحاد الكتاب اللبنانيين
