كتب نقولا أبو فيصل “الحياد خيانة مقنّعة”!

فكر فيها !
الحياد… خيانة مقنّعة
لا يمكنك أن تكون محايداً في المواجهة بين الحق والباطل . فالحياد في تلك اللحظة يشبه الوقوف متأملاً النار وهي تلتهم بيت جارك، وكأنك لا تدرك أن الريح قد تحملها إلى بيتك قريباً. فالصراع بين الحق والباطل ليس معركة عابرة، بل امتحان للإنسان في جوهره : أن يختار الصمت وترك الباطل يمد جذوره في الأرض، او أن يختار أخذ موقف، ولو كان صعباً، وأن يعلن أن ضميره ما زال حياً ، وأن يقرر أن الكرامة أغلى من السلامة المؤقتة.
كم من شعوب دفعت ثمن حياد أبنائها! وكم من أجيال لعنت صمت الذين كان عليهم أن يتكلموا ! فالتاريخ لا يرحم المتفرجين، بل يضعهم في صفوف الخونة، حتى لو لم يحملوا سلاحاً أو يرفعوا راية. لأن الحياد، ببساطة، هو سلاح الباطل الخفي. واليوم، تتجدد هذه المعادلة: فلا ينبغي لوسائل الإعلام أن تفسح مكاناً لمتفرّج يتستّر بالحياد. فالصمت على الفساد مشاركة فيه، والسكوت عن الظلم مبايعة له، والحياد في معركة الحق والباطل خيانة للضمير.
وإذا عدنا إلى صفحات التاريخ، فأننا نجد أن الذين وقفوا على الحياد في وجه الطغاة سرعان ما ابتلعهم الظلم الذي صمتوا أمامه. فالشر لا يكتفي بضحاياه المباشرين، بل يطارد كل من تغافل عنه أو تواطأ معه بالصمت. أما الذين اصطفّوا إلى جانب الحق، فقد تركوا بصماتهم في الذاكرة الجماعية، ولو كانوا قلة في زمنهم، لأنهم اختاروا الموقف لا المصلحة، والكرامة لا “خبي رأسك” في النهاية سوف يتنكّر التاريخ للذين التزموا الصمت، ويحوّلهم إلى ظلال في معركة النور والظلمة حيث لا مكان للحياد. إمّا أن تكون شمعة تنير الدرب، أو ظلاً يزيد العتمة.
نقولا ابو فيصل ✍️
www.nicolasaboufayssal.com












