نقولا أبو فيصل يضيء على كتاب العميد ميشال حرّوق:“أسرار وحقائق في خدمة وطني”
شرفني تلبية دعوة صديقي العميد أندره حروق لحضور حفل توقيع كتاب عمّه، العميد الركن ميشال حرّوق، بعنوان «أسرار وحقائق في خدمة وطني» في القصر البلدي زحلة. وخلال تصفحي للكتاب “الهدية” على مدى أيام قليلة، وجدت فيه شهادة للرجل الآدمي، وطبعًا هو لا يحتاج لشهادتي مثل كل عائلة “الحروق” في زحلة. فالرجل عاش التجربة من داخل المؤسسة العسكرية، وحمل على كتفيه همَّ الوطن قبل أن يحمل رتبته. الكتاب ليس مجرد مذكرات، بل هو صفحات من واقع لبناني معقد، كُتبت بصدق من يعرف ثقل المسؤولية، وبقلب لا يزال يؤمن بأن الخدمة العامة رسالة قبل أن تكون مهمة . يسرد العميد حرّوق محطاته العسكرية والإنسانية بلا تجميل، واضعًا القارئ أمام وقائع عاشها في قلب الأحداث. يروي عن الميدان كما يروي عن المكاتب، عن القرارات الصعبة، وعن الناس الذين شكّلوا دعائم هذه التجربة. يضيء على تفاصيل المرحلة التي عمل فيها، وعلى الصراعات التي واجهها الضباط الشرفاء بين واجب الانضباط ووجع الوطن
أبرز ما في الكتاب هو تلك الروح اللبنانية التي ترافق السرد. فالكاتب لا ينحاز إلا إلى الحقيقة، ولا يرفع إلا شعلة الوطن، كما اظهرها واضحة على غلاف الكتاب : جندي يصعد الجبل محمّلًا بالكتب، بالذاكرة وبالرغبة في أن يبقى لبنان قائمًا رغم كل ما يثقل كاهله. الصورة تختصر روح الكتاب: معركة شرف بين المعرفة والسلاح، بين الواجب والحقيقة. اما من حيث الأسلوب فأنه يمتار بالوضوح والثبات، بعيدًا عن الخطابة والمبالغة. يكتب كما يتكلم العسكريون حين يختلون بأنفسهم بصدق وواقعية. يقدّم شهادته ليترك أثرًا، لا ليفتح سجالًا. وفي ذلك قيمة كبيرة، خصوصًا بعدما تراكمت الروايات المتضاربة.
إن كتاب «أسرار وحقائق في خدمة وطني» ليس فقط قراءة في سيرة ضابط لبناني، بل هو جزء من الذاكرة الحديثة لمؤسسة ما زالت تُعتبر الملاذ الأخير للبنانيين. هو دعوة للتأمل في معنى الخدمة العامة، وفي مسؤولية الكلمة عندما تخرج من رجل عاش حقيقته دون تردّد. هكذا، بين الحكمة والجرأة، يضع ميشال حرّوق عميد زحلة، الذي ظُلم على يد أقرب القادة العسكريين إليه، يقدم في كتابه شهادة صادقة عن زمن يشتاق فيه اللبنانيون إلى الحقيقة وإلى رجال يقولون ما رأوه لا ما يُملى عليهم.
نقولا ابو فيصل كاتب وباحث وعضو إتحاد الكتاب اللبنانيين
زحلة 15-11-2025
www.nicolasaboufayssal.com
اتحاد الكتاب اللبنانيين
