وائل ياسين: أي بديل أحادي لليونيفيل سيحوّل لبنان إلى ساحة نفوذ خارجي ويفتح الباب أمام “احتلال مقنّع”
مناشير
في ظلّ تصاعد النقاشات حول مستقبل قوات اليونيفيل في جنوب لبنان، وما يرافق ذلك من حديث غير رسمي عن ترتيبات بديلة قد تُختصر بجهة دولية واحدة، يرى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والتنمية، وائل ياسين، أنّ البلاد تقف أمام مفترق حساس يتجاوز حدود الجنوب ليطال بنية السيادة اللبنانية نفسها.
ياسين اعتبر في موقفه أنّ أي مقاربة أحادية لمسألة الوجود الدولي في الجنوب تعيد إلى الأذهان التجارب السابقة في التاريخ اللبناني الحديث. فحين كانت قوات الردع العربية تعمل ضمن إطار متعدد وعضويته قائمة على شرعية جامعة الدول العربية، حافظت – بحسب توصيفه – على دور “مساعدة” لا يتجاوز سقف السيادة الوطنية. لكن ما إن تحوّل هذا الوجود إلى طرف واحد هو القوات السورية، حتى تبدّل دوره ليصبح قوة “معتدية” تستبيح القرار المحلي وتنهب الموارد، وصولًا إلى تحوّلها إلى “قوات احتلال بكل معنى الكلمة”.
ويُسقط ياسين هذه التجربة على الواقع الراهن، معتبرًا أنّ مسار الأحداث بعد الحرب الأهلية – وخصوصًا إضعاف وتصفية مكوّنات المقاومة الوطنية وتكريس احتكار السلاح بيد جهة واحدة – أنتج قوة مسلّحة ذات وظيفة سياسية خارجية واضحة، ما أسقط شرعيتها الوطنية وفتح الباب أمام نفوذ يتجاوز الداخل إلى محور إقليمي ودولي.
وفي سياق الحديث الجاري عن احتمال انسحاب اليونيفيل، يرى ياسين أنّ بعض الجهات اللبنانية تتعاطى مع الأمر كفرصة لإدخال قوة أجنبية “صديقة” أو “راغبة بالبقاء”. غير أنّ هذا النموذج، وفق تحليله، لا يُشكّل دعمًا للبنان بل خطوة لإعادة إنتاج صيغة جديدة من التدخل المباشر. فالقوة التي تبقى منفردة، خارج غطاء عربي جامع أو تفويض أممي صريح، تتحوّل – برأيه – إلى أداة نفوذ سياسي، وبالتالي “قوات احتلال” لا تقلّ خطورة عن أي قوة أجنبية سابقة، سواء كانت إسرائيلية أو سورية.
ويرى ياسين أن أخطر ما في المشهد هو إعادة وضع الجنوب ولبنان عمومًا على خارطة الصراعات الدولية كـ“منصة رسائل” ومسرح محتمل لحروب بالوكالة، ما يحمل مخاطر تفجّر الوضع عند أي لحظة توتر إقليمي.
ولهذا، يطرح ياسين مقاربة بديلة تقوم على العودة إلى الأطر الشرعية:
إمّا قوات مساعدة تحت مظلة جامعة الدول العربية بما يؤمن توازنًا عربيًا مشتركًا،
أو قوات أممية جديدة بقرار واضح من مجلس الأمن يحدد نطاق عملها ويضمن عدم تحولها إلى قوة نفوذ خارجي.
ويختم مؤكّدًا أنّ لبنان، في هذه المرحلة الدقيقة، يحتاج إلى مقاربة تحفظ سيادته وتمنع استغلال أراضيه كمساحة تصفية حسابات، محذرًا من نتائج “لا يعلم مداها إلا الله” في حال استُنسخت تجارب الماضي بصيغ جديدة تحت عناوين مختلفة.












