الحريري يعمل لسلّة تفاهمات حكوميّة متكاملة
لم يكن اللقاء الذي جمع أمس في بيت الوسط الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وليد ساعته، بل أتى ليتوّج سلسلة اتصالات حصلت في الايام الماضية بعيدا من الاضواء وعلى أكثر من محور، منها إيفاد الحريري الوزير غطاس خوري الى قصر بعبدا، قبل ان يحطّ شخصيا في عين التينة أمس معلنا انه طلب مساعدة الرئيس نبيه بري في تفكيك العقد الحكومية، وأنه وجد آذانا صاغية واستعدادا للتجاوب لدى رئيس المجلس.
وبحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية” فإن قوى محلية وازنة، على رأسها حزب الله وحركة أمل، نقلا الى بعبدا وميرنا الشالوحي منذ أيام، رغبتهما في تليين المواقف من قِبل الجميع تسهيلا للولادة الحكومية، ربما لأنهما مدركان حجم التغيرات الاقليمية التي تجعل وجود حكومة “مكتملة الاوصاف” في الداخل، في عدادها ممثلون للحزب، حاجة ملحة لديه، فكان ان تجاوب باسيل مع هذه التمنيات وعُقد اللقاء في بيت الوسط…
واذ تشير الى ان حصوله بحد ذاته ايجابي ويدل الى ان المراوحة التي طبعت “التأليف” كُسرت، حيث ان حركة الاجتماعات التي انطلقت من عين التينة الى “بيت الوسط”، مرشحة للتوسّع في الايام المقبلة، تلفت المصادر الى ان من المرتقب أن تنتج المشاورات العائدة، “قمحا” في نهاية المطاف، خصوصا بعد دخول “حزب الله” مباشرة على خطّها عقب فترة من الانكفاء، ومعه الرئيس بري الذي غالبا ما تساهم مبادراته في انتشال “الزير من البير”!
وتكشف المصادر ان خلال اللقاء بين الحريري وباسيل، تم التطرق الى التسوية الرئاسية والتأكيد انها قائمة رغم التباينات التي سجلت في الاونة الاخيرة، كما كان اتفاق على ان لا حكومة الا جامعة وان من المفيد ان يركز كل طرف على مطالبه من دون التدخل في أمور سواه.. وعلى حد تعبيرها، فإنه فتح كوة في جدار أزمة التأليف وقد تصح تسميته بالخطوة الأولى في المشوار نحو الحكومة، الذي ترفض تحديد المدة التي ستستغرقه.
وفي السياق، تكشف المصادر ان الرئيس الحريري يسعى الى إنضاج اتفاق لا يشمل فقط الحصص والاحجام، بل ايضا توزيع الحقائب على القوى السياسية والبيان الوزاري وعنوانه الاساس “النأي بالنفس”، من ضمن “سلّة” واحدة متكاملة، تفاديا لسيناريو تذليل عقدة وبروز أخرى.
ووفق المصادر، فإن القوى المحلية تبدو متجاوبة مع هذا المسار، وتبقى معرفة موقفها من الصيغ- المخارج التي يبدو الحريري قرر اعتمادها. وهي: لا ثلث معطلا لاي فريق، اعطاء القوات اللبنانية اربع حقائب، اثنتين خدماتيتين وازنتين، من دون سيادية او نيابة مجلس وزراء، ومنح الحزب الاشتراكي ثلاثة وزراء على ان يكون الثالث نتيجة خيار مشترك للنائب السابق وليد جنبلاط وبري والحريري، بما يطمئن الفريق الرئاسي الخائف من فيتو ميثاقي قد يصبح في جعبة المختارة.
المصادر تقول ان الطروحات هذه ستكون مدار بحث في الساعات المقبلة بين عين التينة وكليمنصو وبيت الوسط وميرنا الشالوحي ومعراب وبعبدا، بالتوازي مع بحث في مصير وزارة الاشغال وهي ايضا مدار تجاذب، وفي مصير حقيبة “الصحة” التي يبدو انها لن تكون من حصة “حزب الله”، بعد أن أبدى أكثر من دبلوماسي غربي عدم حماسته لفكرة اسناد وزارات تتعاون معها بلاده، الى حزب الله، وهي لا تستبعد ان تذهب هذه الحقيبة الى القوات اللبنانية مجددا. ومتى تأمن التفاهم حول هذه النقاط، والذي قد ينضج خلال ايام او اسابيع، ستبصر الحكومة النور…
“المركزية”