عون مصر على اقصاء جعجع وجنبلاط…وبري والحريري يرفضان
من الواضح أن اقتراح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأليف حكومة أكثرية هو اقتراحٌ جدي، على حد ما يقول عارفوه، ويؤكدون أنه مستعد للسير فيه الى النهاية، ولكن دونه عقبات كثيرة، حيث أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري لا يحبذه، وهو المتمسِّك بتأليف “حكومة وحدة وطنية” لأسباب وموجبات بعضها داخلي والبعض الآخر خارجي. كذلك، لا يحبذه حزب “القوات اللبنانية” ولا رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، علماً ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يعارض قبل كلّ هؤلاء حكومة الأكثرية، حتى لا يصبح التمثيل هنا أو هناك حِكراً على فريق بعينه، الأمر الذي يخالف “اتفاق الطائف” الذي أقام سلطة الشراكة الوطنية عبر تأليف حكومات وفاق ووحدة وطنية.
وفي آخر لقاء بينهما، فاتحَ عون الحريري جدياً في أمر تأليف حكومة أكثرية وليشترك فيها من يشترك وليعارضها من يعارض، ولكن الحريري لم يؤيّد هذا الطرح، إذ عندما سأله عن تمثيل ”القوات”، ردّ عليه: ولماذا انت متمسِّك بهذا المقدار بتمثيل “القوات”، فلا مشكلة في عدم مشاركتها في الحكومة إذا ارادت هي استبعاد نفسها؟. وردّ الحريري قائلاً: “وماذا عن جنبلاط ايضاً؟”. فأجاب عون: “وهو الآخر إذا كان لا يريد المشاركة وبقي متمسكاً بشروطه، لا مشكلة فليبقَ خارج الحكومة”.
وعندما قال الحريري لعون انّ الرئيس نبيه بري يعارض بشدة تأليف حكومة أكثرية، لاذ الأخير بالصمت للحظات، ثم قال له: “يمكن ان أعالج موقفه بالتشاور مع “حزب الله”.
لكن الحريري لم يجارِ عون في طرحه أصلاً وفصلاً، أولاً لعدم استساغته استبعاد حليفيه ”القوات” و”الحزب التقدمي الاشتراكي”، وثانياً لإدراكه مسبقاً معارضة بري حكومة أكثرية تستبعد حليفيهما جنبلاط.
ولذلك توقف البحث بين عون والحريري عند هذه النقطة، ما يعني ان حكومة الاكثرية لا يمكن ان تؤلف ما لم يوافق الحريري عليها قبل الجميع ويقدم تشكيلتها الى رئيس الجمهورية، ولكن حتى إشعار آخر لا يبدو انّ الرجل في وارد اتخاذ خطوة من هذا النوع، خصوصاً في ظل عدم تأييد بري مثل هذه الحكومة.
ويؤكد العارفون بموقف عون انه كان ولا يزال يتمسّك بموقفه أن تكون حصة “القوات اللبنانية” 3 مقاعد وزارية فقط لأنه يعتبر انّ هذا هو “حجمها الطبيعي”، وأنه في حال أعطاها 4 وزراء (3 بحقائب ورابع وزير دولة) يكون “أكرمها بأكثر مما تستحق”. أما رفضه حصر التمثيل الوزاري الدرزي بوزراء جنبلاطيين من دون سواهم، فإنه نابع من رفضه أن يكون هذا التمثيل الوزاري حكراً على الجنبلاطيين فقط وإلغاء تمثيل بقية القيادات والفاعليات الدرزية، ومنها النائب طلال ارسلان. وأكثر من ذلك، يرفض عون ان يضع مصير الحكومة في يد جنبلاط الذي يُمكن أن يُحدث أزمة ميثاقية في حال أعطي الحصة الوزارية الدرزية بكاملها، إذ لا شيء يمنع جنبلاط عند حصول اي خلاف من ان يطلب من وزرائه الاستقالة من الحكومة، أو حتى الاعتكاف عن حضور جلسات مجلس الوزراء، محدثاً بذلك أزمة ميثاقية تغدو معها الحكومة بتراء وغير شرعية لخروج مكوّن من مكوناتها منها.
ويقول البعض ان عون ليس مرتاحاً الى اقتراح بري تسوية العقدة الوزارية الدرزية بأن يكون الوزير الدرزي الثالث في الحكومة المُراد لها ان تكون ثلاثينية نجل النائب انور الخليل، فهذا الرجل سيكون بشكل او بآخر في النهاية محسوباً على جنبلاط، ولكن رئيس الجمهورية كان ولا يزال يرفض الطرح مصرّاً على توزير إرسلان او من يمثله، وذلك حفاظاً على ثنائية الزعامة الدرزية على رغم طغيان الزعامة الجنبلاطية على السواد الأعظم من الدروز.