المراوحة الحكومية تُنذر بالعودة إلى المربع الأول
كتبت صحيفة “النهار” تقول: أسوأ ما برز مطلع الاسبوع على صعيد مأزق تأليف الحكومة ان الشلل السياسي عاد يحكم المشهد الداخلي ويشدد بقبضة الجمود على مجريات هذه العملية، مبدداً مرة أخرى ما أفضت اليه جولة الاتصالات واللقاءات والمشاورات التي اجريت الاسبوع الماضي ومنذراً بالعودة الى المربع الاول. وتنامت وسط هذا المناخ السياسي الباهت احتمالات تصاعد الحرب الباردة التي تدور بصمت بين مراجع وقوى سياسية ولو ان أي طرف لا يبدو راغباً في ان يكون المبادر الى توتير الاوضاع العالقة عند عقد توزيع الحقائب والحصص لئلا يتسبب بحرق مراكبه مع الآخرين. ولكن ثمة مصادر سياسية معنية بمتابعة الاتصالات الجارية لمعالجة التعقيدات المعروفة في توزيع الحقائب الوزارية قالت أمس لـ”النهار” إن مرور شهر آب من دون ولادة الحكومة التي لا يزال بعضهم يراهن على مفاجأة تفتح باب الانفراج لتأليفها قبل نهاية الشهر الجاري سيفتح الابواب امام مرحلة سلبية قد يكون من معالمها اهتزازات جدية في العلاقات بين الرئاسات الثلاث تكراراً وتالياً بين العديد من القوى السياسية المتحفزة لتبادل الاتهامات بتعطيل مهمة الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري.
ولفتت المصادر في هذا السياق الى عامل بارز يتمثل في الليونة التي يظهرها “حزب الله” والخطاب الذي يحرص عبره على استعجال تأليف الحكومة بما يعد دفعاً لحلفائه قبل الافرقاء الآخرين لتسهيل عملية التاليف قبل ان تبدأ التعقيدات تأخذ منحى استفزازياً مختلفاً عن المرحلة السابقة. واشارت الى انه اذا كانت لدى الحزب معطياته الخارجية التي تجعل الانفراج الداخلي يلائم مصالحه تماما في المرحلة المقبلة، فان الحزب وسواه من الافرقاء صارحوا بعض السياسيين المسيحيين تحديداً بانهم يخشون عودة تفاقم التباينات بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية ” كعامل خارج الضبط والتأثير من جانب حلفاء الطرفين ومن شأنه ان يساهم في تعقيد مهمة الرئيس الحريري الذي لمس بقوة الدلالات السلبية لانهيار “تفاهم معراب” خلال لقاءاته الاخيرة ان مع وزير الخارجية جبران باسيل ووزير الاعلام ملحم الرياشي أو عبر اللقاءات الاخرى التي يعقدها لتذليل عقبات التأليف.
ما في ما يتصل بمسألة التمثيل الدرزي، فان المصادر نفسها تحدثت عن مسار مختلف يبدو فيه ان ثمة ما يثير المخاوف من منحى يهدف الى تسديد ضربة معنوية وسياسية الى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الامر الذي رفضه ولا يزال يرفضه الرئيس الحريري نفسه، كما ان دخول رئيس مجلس النواب نبيه بري على خط “المساعدة ” للرئيس المكلف في هذا المسار ترجم كما تردد في تداول اقتراح لاسناد احدى الحقائب الوزارية الثلاث للدروز الى النائب انور الخليل او ابنه الى جانب وزيرين من الكتلة الجنبلاطية. لكن مصير هذا الاقتراح لم يتبلور بعد خصوصاً ان الجانب الاشتراكي لا يزال يؤكد ان احدا لم يفاتحه في أي تطور منذ فترة غير قصيرة.
وفي هذا السياق رأى الوزير مروان حمادة امس الى انه “يمكن تشكيل الحكومة قريباً اذا جرى التسليم بمنح حصرية التمثيل الدرزي للحزب التقدمي الاشتراكي، ومنح حقيبة سيادية ضمن حصة القوات اللبنانية”. وقال “إن العقدة الوحيدة هي سوريا، بالضغط على بعض الأطراف في الحكومة للضغط على رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط من أجل إدخال النائب طلال ارسلان الى الحكومة”، لافتاً الى “ان الاشتراكي لن يقبل استبدال أي اسم درزي بأي شخص من طائفة أخرى، وكذلك النائب ارسلان”.
واسترعى الانتباه موقف لرئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد توقع فيه “أن يبدأ الرئيس المكلف حركة جديدة لاعتماد ما يمكن اعتماده من معايير يرتئيها لتشكيل الحكومة”، متمنياً له “التوفيق والنجاح، عسانا نبصر حكومة في وقت قريب بعد أن تأخرنا وضيعنا فرصا ووقتاً ثميناً”.
وعشية الخطاب الذي سيلقيه اليوم الامين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله في الذكرى ال12 لنهاية حرب تموز 2006، علمت “النهار” أن ما نقل عن عدم ممانعة “حزب الله” في تولّي “القوات اللبنانية” حقيبة سيادية لم يكن دقيقاً في انتظار ما سيعلنه السيد نصرالله اليوم. وسيجدد الامين العام للحزب مطالبته بالاسراع في تشكيل الحكومة واحترام نتائج الانتخابات النيابية من غير ان يعطي اجابات عن اسئلة لم تُطرح أصلاً على الحزب. وبكلام اوضح فإن احداً لم يفاتح “حزب الله” في مسألة منح “القوات” حقيبة سيادية، وانه غير معني بالموافقة أو المعارضة لان الامر في عهدة الرئيس المكلف والرئيس ميشال عون انطلاقاً من الصلاحيات المحددة لكل منهما في الدستور. وعما جرى تداوله عن عدم ممانعة الحزب وحركة “أمل” في تولّي “القوات” حقيبة سيادية أوضحت المعلومات “ان الامر ناقشه نائب قواتي بارز مع الرئيس بري، وفي سياق حديثه سأل “انتو بتعارضو تولّي القوات حقيبة سيادية” من غير ان يفهم ما اذا كان المقصود بـ”انتو” الثنائي الشيعي أو “أمل”، عدا ان اجابة بري كانت، كما بات معلناً معروفة وانه ليس هو من يشكل الحكومة وليس من يضع فيتو على احد”.
وسط هذه الاجواء، أشرفت أمس المديرية العامة للأمن العام بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR وفي حضور مندوبيها، على تأمين العودة الطوعية لـدفعة جديدة من النازحين السوريين ضمت نحو 137 شخصاً من منطقتي شبعا والبقاع الأوسط، عبر مركز المصنع الحدودي في اتجاه الأراضي السورية.
التأشيرات السعودية
على صعيد آخر، صرح القائم بالاعمال السعودي وليد البخاري أمس “ان سفارة المملكة العربية السعودية تمنح كل عام القوى السياسية تأشيرات للحج بشكل متوازن، وما لفت نظري حقيقة هذا العام هو ان جميع دور العبادة والكنائس المسيحية والقوى السياسية المختلفة الاسلامية وغير الاسلامية، تسعى الى تحقيق اماني المسلمين في دوائرهم، وتم تحقيق ما يقارب 15000 تأشيرة عاجلة، وفقا لهذا المعيار الذي يحقق ارتقاء مستوى خدمة ضيوف الرحمن وفق التوجيهات الحكيمة للمملكة العربية السعودية. اما ما تم اشاعته فهو عار من الصحة تماماً، والسفارة منحت ما يقارب 15 الف تأشيرة في وقت قياسي جداً، وهذا يدل على كفاءة مستوى الاداء القنصلي في سفارة المملكة في بيروت”.
وقال: “بالامس أصدر دولة الرئيس سعد الحريري بيانا من مكتبه نفى فيه جملة وتفصيلاً ما تم اشاعته وتداوله في بعض مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام غير المسؤولة، واكد تلقيه الفي تأشيرة من السفارة عبر المسار الالكتروني، وتمت اضافة 3 الاف تأشيرة تم استلامها كاملة بموجب ورقة عمل. واؤكد من خلال الاعلام اللبناني ان المملكة العربية السعودية وسفارتها تحديدا لا تتلقى أي مقابل مادي لاصدار اي تأشيرة حج او عمرة”.
وعن اتهام المملكة بعرقلة تشكيل الحكومة قال :” ان واقع التجربة في تشكيل المجلس النيابي كان أكبر اجابة، كان هناك اعلام يراهن على تدخل، وثبت في الواقع ان المملكة العربية السعودية حريصة كل الحرص على أمن واستقرار لبنان، ودعت في المؤتمرات الدولية، وتدعو في كل منابرها، الى أهمية التعجيل في تشكيل الحكومة. لا اعتقد ان الواقع السياسي يتواءم مع هذا الطرح. الواقع السياسي كان هناك رهان على تدخل المملكة في ما يخص تشكيل المجلس النيابي والقانون الانتخابي، وثبت انه لم يكن لدى المملكة أي تدخل في هذا الشأن بل عكسه تماماً. هناك من يؤكد ان المملكة كانت الدولة الوحيدة التي سعت قولاً وفعلاً الى احترام سيادة لبنان والتأكيد على امنه واستقراره “.