هذا هو مسار التحالف بين حزب الله والقوات اللبنانية
كان يمكن، منذ سنوات قليلة، أن يُحتسب التواصل المباشر بين حزب الله والقوات اللبنانيّة في خانة المعجزات. يبدو الأمر ممكناً اليوم، أو قد يصبح ممكناً إن استمرّ مسار الأمور على ما هو عليه.
فلنبسّط الموضوع قليلاً. ليس بقدرة حزب الله أن يلغي القوات اللبنانيّة. حاول كثيرون إلغاء حزب سمير جعجع وفشلوا. عاد الرجل وحزبه أقوى من أيّ وقتٍ مضى، وحتى أقوى من يومٍ رفع فيه جعجع شعار “الشرقيّة قويّة… الشرقيّة قوّات”. لا شرقيّة ولا غربيّة اليوم، أقلّه في الجغرافيا. وليس، طبعاً، بقدرة “القوات” أن يلغي حزب الله. حتى إسرائيل عجزت عن ذلك. وهو أثبت، خصوصاً بعد حرب سوريا، بأنّه أقوى حتى من بعض الجيوش النظاميّة.
يقود هذا التبسيط الى معادلة بسيطة: ما من أحدٍ قادرٍ على إلغاء أحد، ولذلك وجب على كلٍّ منهما التعامل مع الآخر على أنّه أمر واقع. حزب الله الأقوى في طائفته، والقوات اللبنانيّة الأكثر نموّاً وتنظيماً وصعوداً في طائفته.
لا يعني هذا الكلام وجوب التحالف بين الحزبين. حتى مار ميخائيل، الذي جمع يوماً حزب الله والتيّار الوطني الحر في صالون كنيسته لإبرام التفاهم، قد يكون عاجزاً عن صنع مثل هذه الأعجوبة. التباينات كبيرة بين الحزبين، وكذلك المسافات، وإن كانت باتت أقرب اليوم عمّا كانت عليه في الماضي.
المطلوب، هنا، هو إيجاد مساحات تلاقٍ. لن يسلّم حزب الله سلاحه كرمى لعيون “القوّاتيّين”. ولن تجد سمير جعجع جالساً في حارة حريك مصغياً الى السيّد حسن نصرالله خطيباً من على الشاشة. ولكن، قد يلتقي الحزبان، ليس في الشعارات فقط بل في تعاونٍ جدّي ومثمر، من أجل محاربة الفساد الذي يشكوان منه. وقد يلتقيان، أيضاً، على الكثير من الملفات الداخليّة التي لها صلة ببناء دولة لا تشبه المزرعة التي نعيش فيها.
بين حزب الله والقوات اللبنانيّة “في أمل”، ولا نقصد الحركة. وإن لم يتشاركا في بناء الدولة وطوي صفحات الماضي، وقد حملت أخطاءً ارتكبها الجميع، فعبثاً نطمح.
خطوة الألف ميل تبدأ بنيّة حسنة، وإن كانت المصالح، للأسف، هي التي تتحكّم بالقرارات السياسيّة وليس النيّات الحسنة..
mtv