هل تنتقل عدوى “تشريع الضرورة” الى الحكومة؟
تحت عنوان “الضرورات تُبيح المحظورات”، فتح المجلس النيابي ابوابه امام “تشريع الضرورة” في جلستين اليوم وغداً لاقرار مشاريع واقتراحات قوانين، لاسيما المالية منها لتسيير عجلة الدولة.
هذه الحركة التي يشهدها المجلس يُقابلها “شلل” حكومي مستمر منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، فرضته الشروط والشروط المُضادة والمطالب بالتوزير كمّا ونوعاً.
ومع سفر رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل الى نيويورك للمشاركة في افتتاح اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، دخلت المشاورات واللقاءات الحكومية في إجازة بانتظار عودة الوفد الرئاسي الجمعة المقبل بعد ان يُلقي الرئيس عون كلمة لبنان في الامم المتحدة الاربعاء.
ولا يبدو بحسب المعطيات الداخلية المُرتبطة بمواقف المعنيين بالتشكيل ان الولادة الحكومية ستكون قريبة، على رغم المعلومات التي تُشير الى ان الاخذ والردّ وتدوير الزوايا انطلاقاً من مسودة التشكيل الاخيرة التي قدمها الرئيس الحريري الى الرئيس عون، سيكونان سيدي الموقف حكومياً بعد عودة الرئيس من الخارج.
وبما ان التوافق على معيار موحّد للتمثيل الحكومي غائب كلياً عن الساحة الحكومية، وهو الذي يُؤخّر صعود الدخان الابيض حتى الان، يبدو ان هناك اتّفاقاً سياسياً عريضاً بتفعيل عمل المؤسسات القائمة وتقوية “مناعتها” كي لا تُصاب بداء الشلل كما الحكومة، وهذا ما ظهر اليوم من خلال مشاركة معظم القوى السياسية في جلسة تشريع الضرورة، لان مصالح المواطنين تعلو على كل الحسابات السياسية والحزبية الضيّقة.
وتحت عنوان “تنظيم الفراغ الدستوري”، تسلك القوى السياسية كافة مساراً نيابياً بهدف تحصين البلد من مخاطر مالية واقتصادية، لاسيما وان معظم الخبراء المتخصصين اطلقوا سلسلة تحذيرات “مُخيفة” عن تردّي الاوضاع الاقتصادية اذا ما تم اتّخاذ خطوات “طارئة” للجم مخاطرها وتداعياتها الكارثية.
هذه الخطوات التي بدأها المجلس النيابي اليوم لن تكون فاعلة اذا لم تواكبها اخرى حكومية لتسريع وتيرة تنفيذها واعطائها صبغة الشرعية.
وفي السياق، علمت “المركزية” “ان “القوات اللبنانية” التي رفضت “تشريع الضرورة” في ظل الفراغ الرئاسي، تقترح اليوم ليس فقط تشريع الضرورة انما ايضاً “حكومة الضرورة”، لان بحسب مصادرها لا يكتمل التشريع الا بإجراءات حكومية مواكبة من اجل تنفيذ اسرع لما تم اقراره من مشاريع واقتراحات قوانين، وليس ادل الى ذلك سوى مبدأ المراسيم التطبيقية التي تُلحقها الحكومة بكل قانون يُقرّ من اجل تعزيز تطبيقه وتحصينه”.
وتقترح “القوات” الدعوة الى عقد اجتماعات طارئة للحكومة الحالية، باعتبار انها قائمة وتُصرّف الاعمال، من اجل البحث في ملفات اقتصادية واجتماعية داهمة وضاغطة لا تحتمل “ترف” التعطيل والمزايدات السياسية، منها على سبيل المثال لا الحصر، الكهرباء، وقف التوظيف العشوائي في الادارات العامة، التهرّب الضريبي والنفايات، خصوصاً ان بعض الاقتراحات ومشاريع القوانين التي يُناقشها المجلس النيابي تحت خانة “تشريع الضرورة” مرتبطة في شكل مباشر او غير مباشر بهذه الملفات”.
وتعتبر “القوات” وفق مصادرها “ان مصالح الناس الذين ضاقوا ذرعاً بالتعطيل والشلل المؤسساتي هي الغاية التي تُبرر وسيلة تفعيل المؤسسات الدستورية تحت عنوان “ادارة الفراغ” وتنظيمه لمنع انزلاق البلد الى الهاوية، ولملء الفراغ الحكومي الذي لا يبدو ان نهايته قريبة الى حين تشكيل حكومة “اصيلة” تنكبّ على معالجة الازمات على كثرتها والتي تنخر ومنذ سنوات جسم الدولة حتى العظم.