أمين الجميل: عون مقيّد منذ انتخابه
لا يختلف إثنان على أن الوضع اللبناني الراهن يحتاج إلى “صدمة ايجابية” سريعة تضع أزماته المتكاثرة على سكة الحلول. غير أن هذا لا ينفي أن خطوة التأليف المنتظرة لا تكفي. بل إنها تحتاج إلى مقاربة جديدة في إدارة الشأن العام. بدليل أن كثيرا من القوى السياسية لا تخفي امتعاضها من أن بعض لاعبي الداخل لا يتوانون عن رفض حصص وزارية أو قبول أخرى من باب تصنيفات تعتبر” معيبة كالكلام عن “وزارات خدماتية، أو وازنة أو سواها من التصنيفات. وفي خضم غرق الجميع في مستنقع تناتش الحصص الحكومية، يبدو الرئيس المكلف سعد الحريري حريصا على ضخ بعض التفاؤل في الأجواء السياسية، فيما البلد يواجه مجددا فصلا من معركة قمع الحريات، التي قد تبلغ حدتها حد المسّ بهوية البلاد وكيانها.
وفي تعليق على هذه الصورة، اعتبر الرئيس أمين الجميل في حديث لـ “المركزية” أن “هناك عناية إلهية تحضن البلد. وقد مررنا في ظروف خطيرة يمكن اعتبارها وجودية، وقد واجهنا مشكلات وجودية على مدى عقود. لكن الارادة اللبنانية أكبر من المحنة. أنا مقتنع أن في نهاية المطاف ستنتصر هذه الروح اللبنانية لأنها حفظت لبنان في كل هذه المراحل، ومكنت القوى الصديقة من مساعدتنا لأن لو لم ير هؤلاء الأصدقاء روح السيادة والحرية والاستقلال والوحدة، لما راهنوا على لبنان”.
وعن تأثير حرب تناتش الحصص الضروس التي ينبري إليها الجميع على هذه “الروح اللبنانية”، أشار الجميل إلى أن “الطبقة السياسية تتحكم بإرادة الناس. لكن عامة الشعب بدأوا يشعرون بالخطر وتنتفضص على الامر الواقع كونهم ضحية الطموحات والمغامرات السياسية الأنانية والجنونية. ولا بد من أن تصطلح الأمور لأن البلد لا يمكن أن يستقر على هذا المنوال، ولا يمكن أن تنجح هذه الطبقة في مشروعها العبثي على حساب الناس والتاريخ”.
وعن الحل الذي يطرحه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، والذي يبدأ بتأليف حكومة تكنوقراط، لفت إلى أن “الأمور أبعد من ذلك. ففيما نتحدث عن حكومة اختصاصيين، فيما رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة يتمتعان بتمثيل شعبي ونيابي، فإنهما يستطيعان تأمين الغطاء النيابي والشعبي لأي حكومة. من هنا يجب أن يستفيدا من هذه الواقعة (طرح رئيس الكتائب) ليشكلا حكومة انقاذ تقنية توحي للناس بالثقة، لأن تأليف فريق وزاري بناء على المنطق السائد اليوم، فهذا ينطبق عليه المثل: “رجعت حليمة لعادتها القديمة”، بعيدامن منطق الحوكمة الرشيدة المطلوبة في هذه المرحلة”.
وفي معرض تقويم مسار المفاوضات، اعتبر الجميل أن لا قيادة مسؤولة تحدد بوصلة البلد، وتأخذ الاجراءات المناسبة في هذا الاتجاه. بل إنها تغرق في الأنانيات الضيقة”، مشيرا إلى أن “البوصلة الحقيقية تبدأ بتجاوز العقلية الانتهازية والحزبية الضيقة التي تتحكم بالبلد. وفي هذا الاطار أسأل: أليس معيبا أن نتحدث عن وزارات “وازنة” و”دسمة” وخدماتية”، بينما المطلوب خطة انقاذية وحوكمة تعيد الثقة بالمؤسسات”.
وعن مآل سياسة النأي بالنفس، في وقت تتصاعد التهديدات تجاه لبنان، ويؤكد مسؤولو حزب الله بقاءه في سوريا، أعلن أن “النأي بالنفس “ضحك على الذقون”، فيما الجميع يعرف حقيقة الوضع”، والكلام عن النأي بالنفس اعتراف بأن الحل هو في الحياد. والمؤسف أننا نعترف بالشيء ونتصرف بعكسه.
وفي ما يخص دور رئيس الجمهورية في هذا السياق، أشار الجميل إلى أن رئيس الجمهورية مقيد منذ انتخابه لاسباب شتى ومعروفة.
وفي ما يتعلق بالفصل الجديد من معركة الحريات في البلد، لم يخف الجميل خشيته على لبنان من هذا الباب”، مشددا على أن “سبب وجود لبنان هو الحريات. وعندما يمنع لقاء سياسي من عقد خلوة ليعبّر عن وجهة نظر سياسية بحتة بعيدة من السلاح، وتحت سقف القانون، فهذا يذكرنا بأيام الهيمنة السورية التي اعتقدنا أنها ولت. أو أننا أمام أخطر منها “.
ونبه إلى أن “عندما يبدأ الانسان بالمساومة على المبادئ الأساسية، يعني ذلك بداية النهاية ، وهذا ينطبق على القانون والدستور الذي صار وجهة نظر. بدليل أن الممارسات المتبعة اليوم لا تحفظ ماء وجه الدستور أو القانون أو المبادئ الاسسية للكيان اللبناني” .