نقاط التباين تضيق والعقدة الدرزية لا زالت موجودة
على الرغم من ان الرئيس سعد الحريري في السعودية، الاّ أن المشاورات والاتصالات لم تنقطع أبداً من أجل العمل على تذليل آخر العقد التي تحول دون عملية تأليف الحكومة، ورجحت مصادر في كتلة “المستقبل” لـ”الحياة” أن يزور الحريري القصر الرئاسي عصر اليوم إذا عاد بعد الظهر من زيارته إلى السعودية ليعرض مع الرئيس ميشال عون التشكيلة النهائية لحكومته.
وشكّل اللقاء الذي عقد أمس في بيت الوسط بين الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، محطة لافتة، وعلى الرغم من التكتم الكبير للمصادر القريبة من الرئيس المكلف على ما دار في هذا اللقاء الاّ أن المعلومات كشفت لـ”اللواء” ان نقاط التباين ضاقت جداً.. معتبرة ان لا مكان “للسنة المستقلين” على جدول أعمال الرئيس الحريري، ولا على جدول اتصالاته المتعلقة بتأليف الحكومة.
وشكّل الكلام الذي أدلى به الرئيس الحريري في مستهل اجتماع كتلة المستقبل النيابية، عن أن هذا الاجتماع هو الأخير الذي يترأسه، مؤشراً ايجابياً أيضاً لقرب عملية التأليف، والتي ضرب لها موعد جديد قبل نهاية الشهر، أي قبل اطفاء الشمعة الثانية من عهد الرئيس ميشال عون.
وسط هذه الأجواء، أشارت صحيفة “النهار” الى انه يجري حديث عن اللجوء إلى اصدار مراسيم الحكومة بالوزارات المتفق عليها. واذا بقيت أربع أو خمس حقائب تترك خالية على أن يتولاها بالوكالة وزراء من الطائفة نفسها إلى حين الاتفاق على الأسماء الجديدة في ما بعد وإسقاطها على تلك الحقائب. وإن لا مشكلة دستورية في حال اعتماد هذه الخطوة وان كانت صعبة التحقيق.
ونقل زوار الرئيس ميشال عون لـ”اللواء” عنه قوله انه “لن يرضى ان تمر الذكرى الثانية لانتخابة المصادفة في نهاية هذا الشهر من دون ان تكون الحكومة العتيدة قد تشكلت، وانه قدم التسهيلات اللازمة وعمل ما عليه، وتنازل عن منصب نائب رئيس الحكومة ولا يستطيع تقديم المزيد، وهو ينتظر نتائج الاتصالات التي يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري”.
واكد الرئيس عون امام زواره انه يرغب بشدة في ان تتمثل “القوات اللبنانية” في الحكومة وان لا مشكل لديه مع اي طرف، لكن المهم ان يتفقوا مع بعض.
ولمس الزوار في تقدير شخصي منهم ، “ان الرئيس عون لن ينتظر مزيدا من المماطلة والتأخير في تشكيل الحكومة وانه سيحدد موقفا في نهاية المطاف مما يجري”.
وسط هذه الأجواء، أكدت أوساط الرئيس برّي لـ”اللواء” استعداده للمساعدة ولابداء المشورة إذا طلب منه ذلك، لافتة إلى انه مقتنع بأن عقدة التشكيل داخلية وليست خارجية، وهو لم يقل يوماً أنها خارجية.
ورأى بري بحسب “الأخبار” أن الأوضاع الاقتصادية تُنذر بانهيار سيقع في غضون أسابيع، لا أشهُر، إن لم تتألف الحكومة ولم تاتِ الأموال التي وُعِد بها لبنان في مؤتمر “باريس 4”. وعندما سئل بري عن “الإصلاحات” المطلوبة قبل بدء تنفيذ وعود “سيدر”، ردّ بأن مجلس النواب قادر على إقرار هذه الإصلاحات في جلسة واحدة. ولم يُعرف ما إذا كان دق بري لناقوس الخطر مبنياً على معطيات موجودة في عهدة “من بِيَدهم الأمر”، أو أنه إنذار لحثّ القوى السياسية على الإسراع بتأليف الحكومة، علماً بأن كلام رئيس المجلس ورد في جلسة مغلقة غير مخصصة مداولاتها للنشر.
وعن تمثيل السنة المستقلين من خارج “المستقبل”، أوضحت هذه الأوساط انه ليس صحيحاً ان الرئيس برّي فاجأ الرئيس الحريري بالضغط في هذا الاتجاه، إذ ان موقفه واضح منذ اليوم الأوّل، بوجوب تمثيل هؤلاء، لكنه لم يقل بتوزير وزيرين بل وزير واحد يمثل سنة المعارضة.
وإذ نفت علمها بزيارة الحريري إلى عين التينة، قالت انه عندما يكون للرئيس الحريري شيء يريد عرضه على الرئيس برّي، بالتأكيد سيأتي.
وفي ما يتعلّق بحلحلة العقد، أفادت مصادر متابعة ان الوزير ملحم رياشي نقل أثناء زيارته عين التينة خلاصة ما تم التوصل إليه في التشكيلة الحكومية وأطلع الرئيس نبيه بري على ما عرض من حقائب على الحزب، في حين أفادت مصادر “بيت الوسط” لـ”النهار” انه ليس هناك حتى الساعة أي تعديل في موضوع توزيع الحقائب، و”المستقبل” ما زال على التقسيم القديم أي “الاتصالات” و”الداخلية” من حصته والعمل جارٍ لايجاد بديل لـ”القوات” من العدل. وأكدت “ان موضوع ما يسمى السنّة المستقلين غير وارد على جدول أعمال الرئيس الحريري ولا على جدول أعمال تأليف الحكومة.
واوضحت المصادر لـ”اللواء” انه لم يعرف ما اذا كانت حقيبة العمل رست على “القوات” في الوقت الذي تنشط فيه الاتصالات بين الافرقاء بشأن المبادلة في الحقائب وكيفية التعويض على حقيبة خرجت من هنا واخرى من هناك. ولا تستغرب المصادر تجنب الافرقاء ان تكون حقيبة البيئة من حصتهم.
في الموازاة، قالت مصادر نيابية لـ”اللواء” ان العقدة الدرزية لا تزال موجودة، ما دام جنبلاط وارسلان لم يعلنا قبولهما باي اسم من الأسماء الـ11 المودعة في قصر بعبدا، علماً ان هذه العملية يفترض ان تتم في اللحظات الأخيرة، عند إسقاط الأسماء على الحقائب.
وكان كتب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط عبر “تويتر”: “خلافاً لما تتناقله “الأخبار” لم أرفض إستقبال الرئيس الحريري، وللتوضيح كنت دائماً على تواصل معه هاتفياً أو عبر الرفيق وائل أبو فاعور. وحاولت إلى آخر لحظة أن أطرح بدائل للحقيبة الثانية التي هي مبدئياً ستكون من حصة اللقاء الديمقراطي”.
إلى ذلك نفى الرئيس المكلف سعد الحريري ما ورد في صحيفة “الأخبار” تحت عنوان “الحريري يعرض على جنبلاط تناول العشاء عنده في كليمنصو… والبيك يرفض”.
وأكّد أنّ “لا خلاف مع النائب السابق وليد جنبلاط وما تم تداوله غير صحيح”.
وعن إلغاء الموعد مع النائب وائل أبو فاعور، قال الحريري: “السبب هو انشغالي وقد التقي به بعد عودتي من الرياض”.
أما في ما يتعلّق بتمثيل سنة المعارضة، فقالت مصادر متابعة للمشاورات لـ”الشرق الأوسط”، إنها ترجح تفاقم هذه الأزمة في ضوء الإشارات السلبية التي أطلقها الحريري؛ ما يعني رفضه الطرح الذي ينص على مبادلة بينه وبين عون، بحصوله على وزير مسيحي مقابل حصول عون على وزير سنّي.