من ستشمل عقوبات واشنطن من اللبنانيين؟
عبّرت مراجع سياسية ودبلوماسية عبر “المركزية” عن جملة مخاوف جراء ما هو متوقع من تداعيات للقانون الأميركي الجديد الخاص بالعقوبات على حزب الله، ودخول العالم في اليومين المقبلين مدار الحزمة الجديدة من العقوبات الأميركية على طهران بما تشمله من تشدد في تنفيذها على المستويات المالية والإقتصادية والنفطية تحديدا، وفي قطاع الطيران والاتصالات وحركة النقل البحرية والجوية. وهو ما يقود الى مزيد من العزلة في قطع علاقات طهران بمحيطها الجغرافي وعدم القدرة على تصدير منتجاتها الى الخارج. وعلى الرغم من صعوبة وضع ايران في عزلة دولية كما يريد الأميركيون بالسرعة التي يتوقعها البعض، فان طهران احتسبت لهذه المرحلة وبدأت قبل أشهر بتنفيذ سلسلة من التفاهمات مع حلفائها القدامى والجدد من اجل تدارك مخاطرها والتخفيف من آثارها السلبية على مختلف نواحي الحياة اليومية.
في الاثناء، توقفت مراجع دبلوماسية امام ما هو متوقع من انعكاسات للقوانين الأميركية على لبنان. وقالت ان ليس من السهل تقديرها من اليوم لكن ما هو منتظر من قرارات تنفيذية قد يشي بما هو آت في القريب العاجل او على المدى البعيد. ففي حسابات المراجع المالية ان العقوبات المالية التي وضعت تحت عنوان “تجفيف منابع تمويل الحزب” لا تعني القطاع المصرفي اللبناني ولا الدورة الإقتصادية العادية فلن يطالها اي تدبير محتمل طالما ان الحزب لا يستخدمها. لكن ما هو منتظر من باقي العقوبات قد يكون أشد وطأة على اللبنانيين وقد يستدرج البعض منهم الى مآزق لم يحتسبوها يوما وخصوصا عند تحديد العقوبات التي ستطال البيئة الحاضنة للحزب ومحيطها، من حلفائه وممن يتعاطون معه في اكثر من مجال. ولذلك يخشى المراقبون ان تكون الانعكاسات السلبية الأكثر ايلاما، تلك التي ستطال الطاقم السياسي والحزبي الحليف للحزب إذ انه وفي حال صحت التوقعات بفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين حكوميين وحزبيين في المجالات العامة والبلديات والمؤسسات المستقلة والقطاعات الصناعية والتجارية والسياحية الخاصة، فان ما هو متوقع سيكون “أدهى” مما يتصوره البعض واكثر صعوبة.
ومن هنا جاءت المخاوف الجدية على احتمال فرض عقوبات على القطاع الصحي إذا ما تولى حزب الله، من خلال قيادي حزبي، حقيبتها اذ ستفتح العيون على حركة المساعدات الطبية وتلك الخاصة بالإتجار بالأدوية وهو ما يقلق الأميركيين الذين يعتقدون انهم اقفلوا الطريق السريع بين طهران ودمشق عبر بغداد لكنهم لم يتوصلوا بعد الى قطع طريق طهران – بيروت وهو ما سيشكل مسربا كبيرا لتهريب المنتجات الإيرانية إثر الوعود التي قطعتها مراجع معنية، بغزو السوق اللبنانية بالأدوية الإيرانية والمعدات الطبية والكهربائية والسجاد وغيرها من الصناعات المحلية الإيرانية. وعليه، يضيف المعنيون بمراقبة هذه القطاعات ان السوق اللبناني بحجمه لا يمكنه ان يعوض الصادرات الإيرانية الى مدينة تركية واحدة او باكستانية او روسية او حي في الصين والكوريتين، لكن يمكن احتسابها في السياسة لبنانيا، قياسا الى ما يمكن ان تقود اليه هذه العقوبات التي قد لا تستثني اي قطاع لبناني باستثناء المؤسسات العسكرية والأمنية التي لم ولن يمسها اي إجراء اميركي ايا كانت الظروف والدوافع.
وفي سجل المخاوف اللبنانية أن تاتي العقوبات لتشمل مسؤولين حزبيين من حلفاء الحزب في بيروت وهو ما قد يؤدي الى اصابة بعض المؤسسات بالضرر والأخطر ان توسعت وطالت من هم في مواقع رسمية حكومية او نيابية. وقبل ان تتوسع المراجع في سرد مخاوفها عادت الى التذكير بالموقف الذي سجله الرئيس المكلف سعد الحريري ردا على سؤال طرح عليه عن ربط تشكيل الحكومة بدخول العقوبات على إيران حيز التنفيذ في 5 تشرين الثاني “المقبل” حيث قال “أتمنى ألا يفكر أحد على هذا النحو، لأن لبنان ليس إيران وإيران ليست لبنان”. فهل يا ترى إن طرح السؤال عليه اليوم، سيكون جوابه نفسه؟