اتصالات التشكيل في الثلاجة: من يتراجع اولا التيار ام الحزب؟
في ذروة قمة التأزم، يقبع الملف الحكومي العالق في شباك العقد المفتعلة من جهة وغياب القرار الاقليمي بالافراج عن التشكيل حتى اللحظة، من جهة اخرى. اتصالات التأليف مجمدة ومساعي الحل في اجازة والمبادرات تتهاوى تباعا، حتى الرئاسية منها، امام تفاصيل صغيرة لا يمكن ان تكون بحجم الخطر الذي يتهدد البلاد مع كل يوم يمر من دون حكومة. اما الرقص السياسي الداخلي فيدور بالقرب من البركان الاقليمي المنذر بالانفجار، مع اعادة اطلاق يد اسرائيل عسكريا في سوريا في ما يبدو عمليا نتيجة مباشرة للقرار الاميركي بالانسحاب منها.
في عطلة الميلاد التي ما زالت تخيم على الحركة السياسية، تبخرت كل الآمال التي عُلقت على اخراج الحكومة الحريرية الثالثة من عنق زجاجة التأزم، وسط استغراب واسع للروايات المتعددة حول الاسباب التي اطاحت بمبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لم يتوان عن التعبير عن الاشارة الى مكمن الخلل بقوله امس من بكركي “أن البعض يخلق تقاليد جديدة في تأليف الحكومة لم نألفها سابقا ونحتاج لبعض الوقت لإيجاد الحلول لها”، ومجموعة تساؤلات مشروعة عن قطبة مخفية في مكان ما تمنع التشكيل وتعرقل مسار العهد.
وبعيدا من موقع جواد عدرا السياسي لو قُدِر له ان يدخل الجنة الحكومية وما اذا كان من حصة عون ام اللقاء التشاوري والاتفاقات التي ابرمت هنا وهناك، فإن مصادر سياسية متابعة تعتبر عبر “المركزية” ان الكباش على اشدّه والتوتر سيبقى قائما ولم يعد من حل، بعد ما بلغته الامور، سوى بتراجع احد الفريقين، فإما ان يفرج اللقاء التشاوري ومن خلفه حزب الله عن الوزير السني المعارض ويسلّم بالثلث المعطل للرئيس عون الحليف خدمة لعهده، او ان يتنازل رئيس الجمهورية عن الوزير الحادي عشر تحت وطأة ضغط استنزاف عهده. وقالت: اذا سلمنا جدلا ان العقد المستجدة محلية بحت، فإن الامور امام واحد من خيارين اما ان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فهم خطأ شروط حزب الله للسير بالمبادرة الرئاسية وذهب بعيدا في تفاؤله او ان الحزب اوحى له بالقبول بما تضمنت ولحظة الحسم سحب قبوله، والا لمَ توقفت الجهود تماما ولم تستكمل المبادرة مثلا بطرح اسم جديد بديل عن عدرا؟
غير نادم: وفيما لم تستردّ اتصالات التأليف اي روح اليوم ايضا، اكد رئيس مجلس النواب نبيه بري انه “قدم كل ما يمكن من تسهيلات لتأليف الحكومة وانه لم ولن يندم على ما فعله في هذا الاطار، مكررا في لقاء الاربعاء انه “كان يجب ان تتشكل الحكومة قبل عيد الفطر ، لكن للأسف لم تتألف حتى الآن، ولا اريد ان احمل طرفا معينا مسؤولية ذلك”. واشار الى ان “الإتصالات جامدة وأحد لا يقوم بأي خطوة في ملف تشكيل الحكومة بعد كلّ هذه العقد”. وأعلن وفق ما نقل عنه النواب “اننا قلنا للحريري منذ اليوم الأول إننا نريد 6 وزراء كثنائي شيعي علماً أنه يحق لنا بـ8 وزراء وبضرورة تمثيل النواب السنّة ونخشى من قطبة مخفية لها علاقة بالخارج”. ولفت الى ان “لا حل إلا بالدولة المدنية فكل المصائب التي نعاني منها ناجمة عن الطائفية والمذهبية اللتين تستشريان أكثر فأكثر”.من جهته، أكّد النائب علي بزي أنّ بري ضحى في سبيل تشكيل الحكومة، مشدّدًا على أنّه لم ولن يندم على هذه التضحيات. وقال في تصريح بعد لقاء الأربعاء النيابي إنّنا لا نريد اتهام أحد في تأخير التشكيل، معتبرًا أنّه من حق اللبنانيين أن يكون لديهم حكومة. وأعلن بزي أنّ الاتصالات جامدة حتى من قبل المعنيين بالتشكيل. وردًا على كلام الرئيس عون أمس، قال إنّ الدستور واضح في عملية تشكيل الحكومة. الى ذلك لفت بري الى ان “أولى مهام مجلس النواب بعد تشكيل الحكومة هي الضغط لتنفيذ ما لا يقل عن 39 قانونا لم تنفذ حتى الان، ومنها القوانين المتعلقة بتشكيل الهيئات الناظمة ومجالس الادارة لعدد من المؤسسات والقطاعات كالكهرباء والطيران المدني”.
الجمهورية تتزعزع: في الاثناء، واصل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كلامه عالي السقف وتحذيراته من مغبة المماطلة في التخبط والمراوحة السلبية. فقال خلال استقباله المهنئين بالميلاد ان “الجمهورية تتزعزع بسبب أمور كثيرة، ورئيس الجمهورية تكلم أمس عن أعراف جديدة بالدستور في مكان، والتطبيق في مكان آخر”، وطالب “بحكومة مصغرة من اختصاصيين لأن حكومة الوحدة الوطنية كما يسمونها ليست بحكومة وحدة وطنية”، مؤكداً ان الحكومة مهمتها تسهيل أمور الناس ونهضة البلد من أزمته، داعياً السياسيين الى الذهاب والتحاور في قصر بعبدا. واقترح الراعي على اعضاء المنتدى الحر التجددي واعضاء المركز الماروني للتوثيق والابحاث الذين زاروه في بكركي “إجراء دراسة عن الخطر على الجمهورية وكيف انتقلنا من الانتماء الى المواطنة الى الانتماء الى المذهب، ودراسة أخرى عن الطريقة في تأليف الحكومة”. وجدد البطريرك المطالبة بـ “حكومة مصغرة حيادية من اختصاصيين غير محسوبين على أي فئة، تعمل على تسهيل أمور الدولة على أن يلتقي السياسيون في القصر الجمهوري حول طاولة حوار لحل المشاكل السياسية”.
من الاجواء اللبنانية: على خط آخر، وفي اطار عملياتها العسكرية المتواصلة لـ”منع تمدد النفوذ الايراني في جوارها”، نفذت تل أبيب، ليلا، غارات على سوريا، استهدفت وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، مواقع للحرس الثوري الإيراني وحزب الله في الكسوة والديماس في ريف دمشق، ودمرت على الأقل 3 مستودعات أسلحة إيرانية. وأفيد ان الغارات تم تنفيذها من أجواء لبنان، وسقطت بقايا صواريخ سورية دفاعية في مناطق لبنانية في البقاع، في وقت تواجدت بوارج حربية إسرائيلية قبالة السواحل اللبنانية الجنوبية. وفي حين أفادت وسائل إعلام تابعة للنظام، أن الدفاعات الجوية السورية تصدت لعدد من الصواريخ في محيط دمشق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم أن “الضربات هددت بشكل مباشر رحلتين جويتين مدنيتين”، مشيرة الى أن “الدفاعات الجوية السورية تمكنت من تدمير 14 من أصل 16 صاروخا إسرائيليا”. وقالت وزارتا الدفاع والخارجية الروسيتين اليوم تباعا ان “هجوم طائرات سلاح الجو الإسرائيلي نفذ في لحظة هبوط طائرات مدنية لا تتبع شركات طيران روسية في مطاري بيروت ودمشق”. واشارت المعلومات الى ان الضربة الاسرائيلية استهدفت 3 مواقع : الفرقة الرابعة- الحرس الجمهوري في جبل قاسيون، مستودع الحرس الثوري قرب مطار دمشق وغرفة عمليات لحزب الله قرب المطار نفسه تردد ان اجتماعا كان يعقد فيها لقادة من الحرس الثوري وحزب الله قد يكون قائد فيلق القدس قاسم سليماني من بينهم.
لبنان نجا بأعجوبة: وفي السياق، أجرى وزير الاشغال في حكومة تصريف الأعمال يوسف فنيانوس اتصالاً بالرئيس المكلف سعد الحريري وضعه في خلاله بوقائع ما جرى امس، إذ “نجا لبنان بأعجوبة من كارثة إنسانية كادت تصيب ركاب طائرتين مدنيتين في الاجواء اللبنانية اثناء استباحة الطيران الاسرائيلي للاجواء اللبنانية في عدوانها على جنوب دمشق”. وكان اتفاق على ان يتقدم لبنان بشكوى عاجلة الى مجلس الامن ضد اسرائيل واخذ القرار الذي يحمي لبنان ومدنييه.
اعتمادات الفيول: معيشيا، أعلن وزير المال علي حسن خليل ان “لا مشكله في تأمين الاعتمادات للفيول”. وقال “وصلتني العقود يوم الجمعه ووقعتها ويوم الاثنين ولا يوجد اي تأخير”، مشيرا الى “ان الاعتمادات تعد مسبقا وليس قبل يوم او يومين”, ومؤكدا ” أن جميع الرواتب دفعت قبل الأعياد”. وفي موضوع أموال البلديات قال الوزير الخليل :”انها محفوظه وحصل تأخير لتأمين الأموال والرئيس بري وكتلة التنميه شددت على صرف الأموال للبلديات”، لافتا الى “البدء من الغد الاعداد لصرف نصف المبالغ على الاقل”.