خطّة للحشد… فهل “يُعلنها” الرئيس عون قريباً؟
ماذا لو عقد فخامة الرئيس ميشال العون مؤتمراً صحافياً استثنائياً
يعلن فيه «للشعب العظيم» استقالته انتفاضاً على الواقع اللبناني المهترئ،
حيث يغرق البلد في الديون والفساد والفضائح والنفايات والتلوث، ويصدح فيه
أنين الفقراء والجائعين والمرضى؟ ماذا لو قرر انهاء عهده مبكراً والخروج من
القصر الجمهوري ومعه مستشاريه وبناته وأصهرته وحاشيته، بعد مضي نحو ثلث
الولاية دون أي انجاز يذكر عدا الاعتداد بإقرار قانون الانتخابات النيابية
الهجين، وشراء «خطة» مفرطة العمومية وضعتها شركة «ماكينزي» للاستشارات
أساسها فرض المزيد من الضرائب، واستضافة قمة اقتصادية عربية هزيلة في مستوى
تمثيل الدول كلّفت لبنان ما فاق العشرة ملايين دولار وهو يمرّ بأزمة
اقتصادية خانقة؟
الجواب في غاية البساطة.. لن يتنحّى
فخامة الرئيس مهما كانت ظروف البلاد والعباد، بالرغم من الإخفاقات
والتعثّرات المتراكمة منذ وصوله الى سدّة الرئاسة وعدم تمكنه من إحداث أي
تغيير في الوزارات والمؤسسات، وعدم قدرته على مواجهة فاسدٍ واحدٍ او
استرجاع ليرة واحدة من الأموال المنهوبة خلافاً لوعود الإصلاح ومحاربة
الفساد التي ينضح بها الخطاب العوني، وعدم استطاعته تأليف حكومته الأولى
بعد، لا بل وأقرت في عهده ضرائب جديدة، وتكرسّت فيه اعراف لا دستورية وخضعت
فيه الوظائف العامة والتشكيلة الحكومية لمنطق المحاصصة، وخسر لبنان فيه
آخر ذرة احترام كان يكنها له الرأي العام العالمي.
أما ما يجري
من نكسات للعهد فيردّه العونيون الى وجود معاكسات سياسية داخلية وضغوطات
اقليمية أضعفت قوة الدفع التي حظي بها العهد في بدايته، بل يلمّحون إلى أن
هناك ايادٍ سوداء تريد افشال العهد. ويذهب بعض العونيين الى التحجج تارةً
بأن العهد لم يبدأ بعد، وتارة بأن حكومة تصريف الأعمال ليست حكومة العهد،
ما يقتضي عدم محاسبة العهد على أي تقصير او نتائج!
اذاً فخامة الرئيس
عون لن يقدم على خطوة الاستقالة.. إلّا عند تلمّسه اجماعاً سياسياً على ان
يكون صهره رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل هو البديل، باعتباره ولي
عهده ووريثه السياسي الشرعي الذي يراه مناصروه «الرئيس الحلم»!
ربما لم يدرك العونيون ما قاله نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم عندما أصاب باسيل بسهمٍ فقال ان «من يعتقد أن موقعه داخل الحكومة يهيئ له أن يكون رئيساً للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي فهو واهم»، ولم يدركوا رسالة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله إبان الانتخابات الرئاسية الأخيرة الموجهة إلى رئيس تيار «المردة» فهو قال له «صديقي» و«حليفي» و«نور عيني»، ولعل العبارة الأخيرة هي الأكثر دلالة. لذا الأرجح ان يستكمل الرئيس عون ما تبقى من ولايته، حتى إذا انتهى عهده، اندلعت المعركة الرئاسية التي سيتنافس فيها شخصيات مارونية أبرزها رئيس حزب «القوات اللبنانية» ورئيس «التيار الوطني الحر» ورئيس تيار «المردة»، بحيث يكون فوز أي من المتنافسين خاضعاً للظروف الداخلية والإقليمية والدولية الراهنة.
من هذا المنطلق، يسعى الوزير جبران باسيل وفريقه السياسي ومن خلفهم رئيس الجمهورية الى حشد تأييد حلفائهم، وربما سوريا التي يريد باسيل مد جسور التواصل والتعاون معها، من اجل توفير الظروف المواتية له للدخول في منافسة مع زعيم تيار «المردة»، علماً ان الرئيس عون فاتح اللبنانيين بأن المرشّح المقبل هو صهره، بل وجزم بأنه في طليعة المتنافسين الى الرئاسة، وكأنه الرئيس المنتخب مع وقف التنفيذ الى حين! وقد ذهب العونيون الى حد الاعلان عن سعيهم الى تمديد وتجديد عهد الرئيس، وهو ما صرح به النائب ماريو عون في منتصف كانون الأول ٢٠١٨، فقال ان فريقه يطمح الى تعديل دستوري يسمح للتجديد للرئيس عون عند انتهاء ولايته الرئاسية، وفي مرحلة لاحقة الى الاستمرار في الحكم عبر رئيس التيار!
خلاصة الأمر أن الرئيس عون لن يتنحّى.. لكن يبدو انه عند انتهاء عهده، مهما كان السبب، لن تستكين العونية السياسية الى حين افساح المجال امام ولادة الباسيلية السياسية ووصول باسيل الى الرئاسة الاولى فيشهد اللبنانيون بذلك ولادة «عهد باسيل»!
اللواء