المملكة على خط تدعيم جبهة “السياديين” في مواجهة “حزب الله”!
في الحرب الباردة بين واشنطن وطهران الكثير من الاخذ والرد والمواقف التي تتحكم بدرجة غليانها مقتضيات حقبة ما قبل التفاوض وعدة عمل الحوار الصعب، والقليل من المعطيات ازاء امكانات نجاح الجهود المبذولة على هذا الخط لا سيما الفرنسية منها. الثابتة الوحيدة في المعادلة الاميركية -الايرانية بحسب المعلومات المستقاة من مصادر دبلوماسية غربية هي ان الادارة الاميركية لن تتراجع، لا بل ماضية في شد الحبل على العنق الايراني الى الحد الاقصى من خلال سلم العقوبات المتدرج الذي تقر الجمهورية الاسلامية بتداعياته السلبية على اوضاعها واختناقها اقتصاديا. الرئيس دونالد ترامب عازم على استكمال الحرب الباردة بسيف العقوبات على طهران واذرعها العسكرية، ولو انه يحرص على ما تقول المصادر لـ”المركزية” على عدم تحويلها الى ساخنة ويراهن على استسلام الخصم قبل الاضطرار الى توجيه ضربة يدرك جيدا مدى تداعياتها السلبية على المنطقة عموما وعدم حصر مفاعيلها في الداخل الايراني، وتاليا اضطراره الى سلوك الدرب الحواري قبل لفظ انفاسه. التشدد الاميركي الهادف الى “تركيع” ايران والمنطلق من واشنطن عقابيا، تواكبه مواقف واجراءات واجبة من دول المحور الحليف في الشرق الاوسط، والمملكة العربية السعودية على رأس قائمة هذه الدول بحكم الامر الواقع وتقاطع المصالح على اكثر من مستوى. فاذا كانت الخطوات الاجرائية اميركية المنشأ تستهدف ايران واذرعها مباشرة، ثمة خطوات سياسية ومعنوية يفترض ان تتخذها الدول والقوى حيث تواجد هذه الاذرع، ولبنان من بينها حكما، باعتبار ان حزب الله هو اكثر هذه الاذرع قوة وفاعلية، بحسب المصادر، اسهاما في رفع فاعلية هذه الاجراءات. لهذه الغاية، فعّلت المملكة العربية السعودية حراكها على الساحة اللبنانية عموما والسنية خصوصا فكانت زيارة رؤساء الحكومات الثلاثة السابقين الى الرياض واخرى لوفد مجلس الشورى السعودي إلى بيروت وجولات مكوكية لسفيرها في لبنان وليد البخاري الذي حطّ امس في معراب والتقى “قطب” المحور السيادي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في مؤشر واضح الى العودة القوية الى لبنان والعزم على دعم هذا المحور منعا لتهاويه بعدما فعلت رصاصات التسويات فعلها في جسده “وتفرق العشاق” كل في طريق مصالحه باستثناء قلة قليلة بقيت على العهد ولم يعد يجمع حلفاء الامس سوى العنوان الاستراتيجي. الواقع اللبناني، كما تفيد اوساط سياسية مطلعة على الموقف السعودي بتفاصيله لـ”المركزية”، حمل المملكة على انتهاج السلوك القديم المتجدد القائم على وجوب تعزيز الحلفاء واعادة رص صفوفهم في مواجهة تعاظم خطر حزب الله وصعود نجمه في اعقاب الاعتداء الاسرائيلي على الضاحية والرد عبر الحدود باستهداف اراضي الـ1948، وحصوله على الغطاء الشرعي ان عبر المواقف الرئاسية او بيان المجلس الاعلى للدفاع. هذا الغطاء، توضح الاوساط، استنفر السعودية التي هبّت الى تصويب المسار ومنع كسر التوازن الاستراتيجي في لبنان مع التهديد بكسر الخطوط الحمر، من خلال اعادة رص الصفوف وتجاوز التباينات اليومية بين القوى التي تتقاسم النظرة الاستراتيجية وابقاء دفتي ميزان القوى متوازيتين منعا لاي اختلال قد يستفيد منه حزب الله وايران في المواجهة الكبرى، ويمهد له تشتت حلفاء المملكة. المطلوب بقوة في لحظة التحولات الاقليمية والدولية، تقول الاوساط، من الحلفاء وتحديدا القوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب الاشتراكي والقوى السنية السياسية على تنوعها القفز فوق التباينات في الملفات اليومية، وتلافيها اذا امكن، واعادة تكوين جبهة متراصة يُمنع على كل من يدور في الفلك الايراني اختراقها واللعب على “انقساماتها” لتحصين هذا المحور وتدعيمه بما يلزم، والمملكة جاهزة لهذا الدعم.