اسمعنا يا فخامة الرئيس!
داني حداد – موقع mtv
فخامة الرئيس العماد ميشال عون، أتوجّه إليك بهذه السطور، بكلّ احترام.
أنتظر، مثل معظم اللبنانيّين، أن توجّه الدعوة الى استشاراتٍ نيابيّة، وقد طال أمد الانتظار، وهو مكلف للبلد واقتصاده وماليّته العامّة، إذ بلغنا الانهيار، وبلغ كثيرون حدّ الجوع.لست أحمّلك، يا صاحب الفخامة، المسؤوليّة وحدك، ولكنّك رئيس البلاد ورمزها، وكنت الأمل لكثيرين حين بلغت سدّة الرئاسة، إذ رأوك استثنائيّاً وانتظروا أن تصنع استثناءً.أخاطبك، بينما لا أسمع ممّن ألتقيهم سوى الشكوى، ولا ألمح في العيون سوى اليأس. لم أصغِ منذ فترةٍ طويلة الى خبرٍ سعيد. لم أفرح لإنجازٍ يتيم. لا أرى سوى عائلاتٍ تبحث عن منفذٍ للهجرة. حتى ابنتي، يا “بيّ الكلّ”، وهي بعد طفلة، تطلب منّي أن ننتقل للعيش في بلدٍ آخر.شعبك يهاجر، يجوع وييأس. وصدّقني، لست أهتمّ، مثل كثيرين، بصلاحيّات الرئيس، وبالمهل الدستوريّة وبهذه التفاهات كلّها التي نسمعها يوميّاً.لست “ثائراً”، ولم أتظاهر وأعترف بأنّني لم أبنِ آمالاً على هذه “الثورة”. ولا شتمتك مرّة، ولم تخرج من فمي “هيلا هو” واحدة. ولكنّني، مع ذلك، لم أعد أتحمّل هذه المعاناة. لم أعد أرغب بسماع تفاهات بعض وزرائك ونوّابك وهم يتساجلون مع وزراء ونوّاب آخرين من مستوى التفاهة نفسها. أريد بلداً “طبيعيّاً” أعيش فيه مع عائلتي. لا أريد أن أهاجر. هنا ولدت وهنا دُفنت أمّي منذ أربعين يوماً.فليهاجر السياسيّون الذين خربوا هذا البلد. فليرحلوا عنّا لنرتاح. فليكفّوا عن الفساد والسجالات وشدّ الحبال والعناد وكسب الوقت، بينما بلدنا يسقط في هاوية يستحيل الصعود منها قبل سنوات.لقد كان عهدك يا فخامة الرئيس، واعذرني على صراحتي، سيّئاً. ربما عرقلك كثيرون. وربما عاندتك ظروفٌ كثيرة. ولكن عليك اليوم، قبل الغد، أن تجد وسيلة إنقاذ، للوطن وللعهد، ولنا نحن الشعب الذي حلم بالتغيير.قم بواجباتك بالدعوة الى الاستشارات، وضع الجميع أمام مسؤوليّاتهم. افعلها من أجل عشرات الآلاف الذين صُرفوا من وظائفهم، وعشرات الآلاف الذين لن يتقاضوا رواتب كاملة في نهاية هذا الشهر. من أجل المؤسسات التي تنهار. من أجل العسكريّين الذين لم يرتاحوا منذ أسابيع. من أجل التلامذة الذين نزلوا الى الشوارع بحثاً عن غدٍ أفضل. ومن أجل ابنتي كي تستعيد أملها بهذا الوطن.اسمع أوجاعنا يا فخامة الرئيس. اسمعها قبل أن تضحي رئيساً لجمهوريّة الطرقات المقطوعة والآمال المفقودة و”بيّ لكلّ” المهاجرين…