بعبدا “تُبشّر” بحكومة… والخطيب “لم يُحرق” بعد!
تتّجه الأمور إلى مزيد من التعقيد في الشارع مع استمرار الأزمة السياسية والحكومية التي تضرب البلاد، وتطلّ كل يوم مشكلة جديدة من دون وجود أطر صحيحة لحلّها. لا يستطيع أحد إنكار أن ما يحصل هو أزمة ثقة بين فئة كبيرة من الشعب وبين طبقة سياسية حاكمة رأت أن الأمور بدأت تفلت من يدها، فبادرت إلى القيام بهجوم مضاد من أجل الحفاظ على عروشها التي اهتزت.
وتستمر الأطراف المسؤولة عن التأليف بمحاولة إيجاد مخارج من أجل الشروع بحلول مُرضية تُسكت الثورة ولا تضاعف من هزائم القوى السياسية. وفي هذه الأثناء، فإن دوائر بعبدا تُبدي ارتياحها للإتصالات الحاصلة، وهي لا تريد القيام بخطوات ناقصة على رغم النقمة الشعبية العارمة من تأخّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الدعوة إلى إستشارات نيابيّة مُلزِمة لاختيار رئيس حكومة مكلّف. ويتعرض عون لضغوط من أفرقاء عدّة بسبب عدم بزوغ فجر الحكومة الجديدة، وتؤكّد مصادر قريبة من بعبدا لـ”نداء الوطن” أنه كما يبدو أن لا دعوة إلى استشارات نيابية في الأيام المقبلة، إلا إذا حصل توافق سياسي بين القوى مجتمعةً على إسم الرئيس المكلّف وشكل الحكومة، فالقصر الجمهوري لا يريد أن يرمي المشكلة، وتتمّ تسمية رئيس الحكومة ومن ثمّ يوضع ملف التأليف في الثلاجة. وبالنسبة إلى آخر الأجواء في بعبدا المرافقة لمعضلة التأليف والتكليف فإنها على الشكل الآتي: يُصرّ رئيس الجمهورية على إنتاج حكومة تكون على قدر المسؤولية ولا تُشكّل أزمة بحدّ ذاتها بل تكون مشروعاً لحلّ الأزمة التي تعيشها البلاد.وتُراقب بعبدا التفاوض الذي يحصل بين القوى السياسية، وهي تنتظر اتّفاقاً ما، لكنها تصرّ على عدم دخولها في الزواريب لأن هذا الأمر يُضرّ بعملية التكليف والتأليف.
وبحسب الأجواء، فإن بعبدا باتت متأكدة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري لا يُريد العودة إلى ترؤّس الحكومة مجدداً، لذلك لا يحصل أي تواصل بين عون والحريري. وبما أن الإتصالات متواصلة، فإن بعبدا ترى أن ورقة رجل الأعمال سمير الخطيب لم تُحرق، بل تؤكّد أن التفاوض مع الخطيب دخل في التفاصيل، وهذه التفاصيل تشمل توزيع الحقائب على القوى السياسية التي ستكون من حصتها، فيما ينتظر كيف سيكون توزيع الحقائب التي تدخل ضمن حصّة التكنوقراط. وبالنسبة إلى بعبدا، فإن شكل الحكومة بات محسوماً، وهي حكومة تكنو – سياسيّة، إذ إن حكومة التكنوقراط غير واردة والبحث مع الخطيب تخطّى هذا التفصيل، في حين أن الأحزاب ستُسمّي ممثليها، أما الوزراء التكنوقراط فإن هناك أسماء بارزة سيكون اختيارها سهلاً ولا خلاف عليهم، أما بقية الأسماء فستوزّر بعد اتفاق الجميع عليها. ولم تتبلّغ بعبدا من الحزب “التقدمي الإشتراكي” عدم رغبته في المشاركة في الحكومة الجديدة، كذلك فإن مشاركة تيار “المستقبل” تُعتبر حتميّة، في حين تؤكّد دوائر بعبدا أنها لا تضع أي “فيتو”، كما يحاول البعض إشاعته، على مشاركة حزب “القوات اللبنانية”، فالرئيس عون يُطالب بحكومة جامعة يتمثّل فيها الجميع، أما اختيار “القوات” البقاء خارج الحكومة فهذا شأن يعود لها، وهي حرّة في خياراتها. من جهتها، لا تزال “القوات” تُصرّ على عدم المشاركة لأن مطلبها بات واضحاً، وهي حكومة تكنوقراط مستقلّة، في حين أن “الإشتراكي” لديه المطلب نفسه، لكن حساباته مغايرة تماماً لحسابات “القوات” إذ إنه لا يتحمّل العزل. وعلى رغم نفحة التفاؤل في بعبدا، إلا أن الحريري لم يقل كلمته النهائية بعد، وهنا يطرح البعض تساؤلات عن مدى جدّية المفاوضات مع الخطيب، وهل أن تغيير الحريري لموقفه قد ينسف كل تلك المفاوضات، وماذا سيكون موقف الثوار من حكومة نسخة منقّحة عن الحكومات السابقة، إذ إنهم مستعدّون لإسقاطها بعد سقوط كل المحرّمات.
آلان سركيس – نداء الوطن